قراءة فی عام 2015 عام خیبات الأمل | ||
قراءة فی عام 2015 عام خیبات الأمل
مرّ عام 2015 ... ولم تنته أیامه حتى دقّ اسفینه الأخیر فی نعش آمال الملایین من شعوب العالم، فکان عاماً ملیئاً بالحروب والتقاتل والدمار والإرهاب، وفی مرور سریع على حصاد هذا العام یتجلى واضحاً أنه لم یکن على قدر الأمانی التی عقدتها دول وشعوب العالم اذا ما استثنینا القلیل من شرارات النور التی لم ترتق لتضیء ما حولها، ما جعل الأنظار شاخصة إلى العام الجدید بما یحمله من أمل قد یمحو سواد سلفه. فسوریا هاجرت أمل السوریون أن یحمل هذا العام تسویة تلمّ الشّمل بین أبناء الوطن الواحد وأن تنتهی الحرب الدامیة فی بلادهم وتحفظ ما تبقى منه بعد أن تدمرت بُناه التحتیة ومرافقه الحیویة وأن تعید ملایین المهاجرین والنازحین الى بیوتهم، لکن أبت 2015 إلا أن ترینا صورة الطفل السوری ایلان وقد قذفته أمواج بحارٍ غریبة عنه لیسجد وقد فارقته الأنفاس على شواطىء الهجرة القاسیة، وأصرت أن ترینا دول العالم تتقاذف مسؤولیات ایواء اللاجئین السوریین وتتهرب من شعب طالما کان حضناً ومأوى للضعفاء .. أما التسویة التی لاحت الآمال حولها أواخر 2014 لم تعرف طریقها الى النور أیضاً، وشهدت الأراضی السوریة وأجواؤها دخول الکثیر من الغرباء عنها مثل التحالف بطائراته وکان الارهاب بمقاتلیه من مختلف دول العالم، الکل کان إلا السلام لأبناء سوریا لم یکن، وانتهى العام ببصیص أمل لاح عندما قام الجیش السوری بتصفیة أحد قادة الارهابیین المدعو زهران علوش قائد جیش الاسلام بغارة جویة متقنة. والعراق جریح أما العراق الجریح أمل هو الآخر أن ینزع براثن الإرهاب منه ویتخلص من الألم المستدام فیه ولکن الوحش المتغطرس والمدعوم بعملات عربیة وأجنبیة استقوى واستفحل على ابناء العراق، ولاح فی الأفق أمل بعد دعوة المرجعیة ونشوء الحشد الشعبی الذی قدم تضحیات جسام هذا العام فی مواجهة الارهاب وفداءاً لموطنه، ومضى العام وأتى آخر ولا زال العراقیون یحاربون لتحریر اراضیهم التی احتلها الارهابیون فطهروا عدة مناطق کانت الرمادی آخرها ولم تخل 2015 من التفجیرات الارهابیة التی اوقعت الاف الضحایا بین المدنیین فی مختلف المناطق العراقیة، واختتمت بغزو قوات ترکیة شمال العراق بحجة تدریب قوات سنیة على حد وصف ترکیا ! وجاء ذلک دون اذن أو تنسیق ما دفع العراقیین والأمم المتحدة والجامعة العربیة بتندید هذا الفعل ودعوة ترکیا الى سحب قواتها من شمال العراق. والیمن ما عاد سعیداً.. أما الیمن فلم یعد ذاک الیمن السعید، بل إن جُل حزنه أتى بغدر إخوة له، فکان العدوان السعودی على ابناء الیمن ولا یزال یُسقط منهم الآلاف من الشهداء ویمحی سنین حضارتهم ویدمرها ویستفحل الظلم بحق الیمنیین على أیدی المرتزقة والارهابیین من القاعدة وداعش وغیرهما من الجلبة والمندسین ویزید مظلومیتهم الصمت العالمی والاعلامی على الجرائم التی تجری بحقهم کل یوم، فلولا قوات الجیش وأنصارالله وقوات الدفاع الوطنی من ابناء البلد لصار الیمن فی خبر کان والله أعلم من کنا سنرى یحکم الیمن الصامد حتى الیوم، ومضت سنة 2015 ولا زالت ازمتهم مستمرة رغم عدد من المؤتمرات والاجتماعات برعایة دولیة فی الخارج التی لم تأت بنتیجة لإنهاء الحرب فی الیمن. لبنان بلا رئیس أتم اللبنانیون عامهم ورأس الدولة غائب فلم تستطع الأطراف اللبنانیة من السیاسیین الوصول الى حل وسط فی ملف الرئاسة وبالتالی لم ینتخبوا رئیساً، واضاف معاناة اللبنانیین مشاکل التقصیر الحکومی تجاه الشعب اللبنانی من فشل فی حل أزمة النفایات المستجدة والتی ملأت شوارع العاصمة بیروت وأزمة الکهرباء وانقطاعها، هذا اضافة الى الارهاب الذی طال اللبنانیین أیضاً فتعرضوا لعدد من التفجیرات الارهابیة کان آخرها الجریمة بحق المدنیین بتفجیر برج البراجنة الذی راح ضحیته المئات بین شهداء وجرحى، أما الحدود الجنوبیة فکانت هادئة ولکن لم تمنع الکیان الاسرائیلی من القیام بجرائمه بحق اللبنانیین فقام باغتیال عمید الأسرى الشهید القائد "سمیر القنطار" بنهایة العام فی جرمانا السوریة فتوترت الأجواء على الحدود الجنوبیة مذ ذاک. حصاد لیبیا لیبیا أیضاً امضت العام تعانی من الارهاب وازداد نشاط المنظمات الارهابیة فیها اضافة الى عدم قدرة قواها المحلیة على الوصول إلى حل یجمعها وینهی ازمة الحکم فیها، فکل تکتل ترعاه دولة خارجیة وباختلاف المصالح الخارجیة عاش اللیبیون 2015 فراغاً سیاسیاً، وانقساماً بین غرب وشرق لیبیا جسّده ظهور حکومة فی طبرق وأخرى فی طرابلس وبرلمان فی طبرق وآخر فی طرابلس مما دفع بتنظیم «داعش» الإرهابی إلى استغلال ذلک الانقسام حیث سیطر على مناطق عدیدة کان آخر فصولها اعلان "سرت" المنطقة ذات الرمزیة السیاسیة امارة اسلامیة تابعة للتنظیم الارهابی، اضافة للاعتداءات الارهابیة المتکررة على المدنیین من تفجیرات واعدامات نفذها داعش بحق مصریین وغیرها، ورغم محاولات الأمم المتحدة المتکررة لجمع اللیبیین وآخرها اجبار الأطراف اللیبیة على التوقیع على اتفاقیة الصخیرات لکن المرحلة المقبلة لا زالت تبدو صعبة فالکیمیاء بین المعنیین لم توجد بعد اذ أن ظلال الحرب لا تزال تخیّم على البلاد والاستحقاقات کبیرة من ملف النازحین ومحاربة الارهاب وغیرها. ایران بین الاتفاق النووی وفاجعة منى کان عام 2015 عاماً متقلباً بالنسبة للایرانیین فمن جهة عاش الایرانیون حالة من الأسى والحزن بسبب الفاجعة التی حصلت فی موقعة منى فی موسم الحج وأودت بحیاة المئات من الحجاج وعدد من الدبلوماسیین والمسؤولین الایرانیین بسبب تقصیر من المعنیین فی السعودیة فی تنظیم أمور الحج هذا الموسم، ولکن فی المقابل احتفى الایرانیون بعد عقدین من الزمن تعرض فیها الشعب الایرانی للاسفاف السیاسی والحصار الاقتصادی تمکنت الخارجیة الایرانیة بحنکة وزیرها "محمد جواد ظریف" من انهاء حیاکة سجادة الاتفاق النووی بین ایران ودول 5+1 رغم التخریب المقصود الذی مارسته دول عدة لعدم اتمام هذا الاتفاق منها السعودیة وفرنسا والکیان الإسرائیلی، وعلى أثر هذا الاتفاق یعدُ الشعب الایرانی نفسه بسنوات من الازدهار الاقتصادی على مختلف الأصعدة بمجرد انطلاق تنفیذ هذا الاتفاق. الصحوة الفلسطینیة شهد عام 2015 اعتداءات کثیرة من قبل الکیان الإسرائیلی على الفلسطینیین من زیادة الاستیطان واحتلال الاراضی وتدنیس للمسجد الاقصى ما اثار غضب الشعب الفلسطینی على هذا العدوان المستمر واللامبالاة الدولیة ومذ ذاک بدأ الشعب الفلسطینی صحوته بعملیات الطعن بالسکین والدهس والمواجهة المفتوحة فأخذ الفرد الفلسطینی الأمر على عاتقه وقدموا انفسهم فدائیین استشهادیین بهذه العملیات البطولیة ما أرعب الإسرائیلیین وفشلوا فی غیر مرّة باحتواء هذه الصحوة المعمدة بالدماء، اضافة الى أن عام 2015 شهد اعتراف عدد لا بأس فیه من دول العالم بدولة فلسطین المستقلة منها دول أوروبیة ومن أمریکا الشمالیة والجنوبیة اضافة للفاتیکان مؤخراً. الارهاب یغزو العالم والتوترات دولیة لم تنحصر المشاکل والمعاناة من الارهاب فی الدول العربیة والشرق اوسطیة منها فقط اذ أن هذا العام شهد عدداً من الهجمات الارهابیة فی دول عدة حول العالم فافتتحت فرنسا عامها بهجمات شارلی ابدو المعروفة وختمته بما عرف بهجمات باریس التی کانت من افظع ما شهده الغرب من ارهاب ما دفع فرنسا للاعلان صراحة عن بدء حربها على الارهاب وباشرت حملاتها الجویة ضد داعش فی سوریا، اضافة الى ذلک انضمت تونس وامریکا والسعودیة والکویت ولبنان ومصر وترکیا ونیجیریا الى قائمة الدول التی کانت ضحیة هجمات واعتداءات ارهابیة، هذا مع مساعی بعض الدول لمساعدة سوریا فی محاربة الارهاب لم تفهم تصرفات بعض الدول کترکیا باسقاطها طائرة السوخوی الروسیة فکان الدافع وراء توتر على صعید العلاقات الترکیة الروسیة.
الوقت | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,835 |
||