الهجوم السعودی على حزب الله قوّة؟: ناصر قندیل | ||
الهجوم السعودی على حزب الله قوّة؟: ناصر قندیل
- انتهت جولة جدیدة من التصعید السعودی بجمع الحکومات العربیة وراءها على بیان یندّد بإیران، لکنه البیان العربی الأول الذی یستهدف حزب الله بالاسم ، فهل هذه علامة صعود بالدور السعودی، ودلیل على انتقال الریاض إلى حلقة هجومیة جدیدة، وتبلور عناصر قوة فائضة لدیها تتیح إعادة تعدیل موازین القوى المتراکمة منذ التفاهم على الملف النووی الإیرانی، مروراً بالتعثر فی حرب الیمن، وصولاً إلى التموضع الروسی فی الحرب السوریة، عکس ما تشتهی الریاح السعودیة؟ - من السهل على أیّ متابع ملاحظة أمرین، الأول أنّ السقف السعودی للتصعید فی وجه إیران تأسیساً على اغتیال الشیخ نمر النمر، کان یشبه السقف الترکی لاغتیال الطیار الروسی عبر إسقاط طائرته بذریعة الدفاع عن المجال الجوی الترکی، مثل الذریعة السعودیة بأنّ الإعدام طال مواطناً سعودیاً، وهذا شأن داخلی سعودی تلحقها ذریعة تتبع ایّ ردّ فعل غاضب متوقع سیصبّ حکماً أمام إحدى السفارات السعودیة، فی طهران أو خارجها باعتباره فعلاً تقف وراءه إیران ویشکل انتهاکا للمواثیق والأعراف الدیبلوماسیة یبرّر قطع العلاقات مع إیران، وفی الحالتین الترکیة والسعودیة کان الهدف اختبار إمکانیة إطلاق دینامیة لا تکتمل بدون واشنطن، تستهدف فی الحالة الترکیة التصعید ضدّ روسیا بقوّة تقدیم ترکیا أوراق اعتمادها لتکون رأس الحربة، وفی الحالة السعودیة التصعید ضدّ إیران وتقدّم السعودیة أوراق اعتمادها لتکون رأس الحربة. - الأمر الثانی وهو أنّ التصویب على حزب الله، عمل بموجب التفاهم الأمیرکی «الإسرائیلی» الذی صاغه لقاء رئیس حکومة الاحتلال بنیامین نتنیاهو مع الرئیس الأمیرکی باراک اوباما قبل شهرین على قاعدة التسلیم بفشل الذهاب فی السقوف العالیة للتطلعات، حیث لا أمل بتحجیم الدورین الروسی والإیرانی وضرورة الاعتراف بکونهما فی حال صعود، وکون الصمود السوری سمح باستثمار صعودهما، لتغییر وجهة الحرب فی سوریة من جهة ومنحهما فرصة ملء الفراغ الاستراتیجی الناشئ عن الفشل الأمیرکی فی حربی العراق وأفغانستان والفشل «الإسرائیلی» فی حرب لبنان، من جهة مقابلة، واعتبار تجرید الثلاثی الروسی الإیرانی السوری من استثمار القیمة المضافة التی یمثلها حزب الله هو سقف ما یمکن تحقیقه فی المرحلتین الراهنة والمقبلة. - جرّبت ترکیا حظها مع التصعید فی وجه روسیا لجرّ واشنطن والحلف الأطلسی وإحیاء نظریة المنطقة الآمنة، فحصدت بیانات إعلامیة، بلا استعداد لمواکبتها بالأفعال، فانکفات وراء الحدود عملاً بمفاعیل إنذار الرئیس الروسی فلادیمیر بوتین، وذهبت إلى العراق تفتش عن حصرم رأته فی حلب، وجرّبت السعودیة حظها فی التصعید مع إیران بجرّ مجلس التعاون الخلیجی وبعده الجامعة العربیة إلى دینامیة قطع علاقات مع إیران، لتجرّ عربة المؤتمر الإسلامی بالدولابین الخلیجی والعربی وحصان المال دائماً، لإخراج إیران من منظمة المؤتمر الإسلامی، کما أخرجت سوریة من الجامعة العربیة، وإنتاج إرباک کبیر یحرج کلّ سیر بمفاعیل الموجبات الغربیة برفع العقوبات والإفراج عن الأرصدة، وفقاً لنصوص وأحکام التفاهم على الملف النووی الإیرانی، فحصدت بیانات إعلامیة ممتدّة من الخلیج إلى ترکیا وباکستان، فعادت بخفّی حنین وتموضعت وراء الخطاب الذی صاغه نتنیاهو وتلاه أوباما، بحصر الحرب مع حزب الله، طالما بنود العائدات الإیرانیة من التفاهم النووی بدأت تتدفّق على طهران وفق البیانات الأمیرکیة. - اللبنانیون الذین یدّعون أنهم یصوّبون على حزب الله تضامناً مع السعودیة ودفاعاً عنها یکذبون، لأنهم یعلمون أنّ بمستطاعهم أن یهاجموا إیران ویتجنّبوا حزب الله، کما هاجم حزب الله السعودیة وتجنّب الداخل اللبنانی بدایة قبل أن یتطاولوا علیه، وبالتالی فهم یعلمون أنهم یفعلون ما تفعله السعودیة بالتموضع وراء خطاب صاغه نتنیاهو وتلتزمه السعودیة، وهم یلتزمونه مثلها، ولأنه خطاب الفشل فی السقوف العالیة والتموضع وراء ما یظنّه نتنیاهو الهدف الواقعی والممکن، فالمعادلة الداخلیة اللبنانیة، خرجت من دائرة التسویة، على قاعدة تجاذب وتفاهم إیرانی سعودی، إلى دائرة المواجهة المفتوحة مع مشروع نتنیاهو ـ أوباما الذی تصطفّ السعودیة من ورائه، واللبنانیون المشارکون فی هذا الاصطفاف یضعون الأمور بین خیارین، أن ینتصر رهان نتنیاهو فیربحون معه، أو أن یُهزم فیهزمون معه، وعندها لا یحق لهم المطالبة بتسویة. - الخیار السعودی الآتی من مواقع الفشل لن یکتب له النجاح، لأنه یقوم على فرضیة أنّ حزب الله سیستنفر حلفاءه من سوریة إلى إیران لتعطیل التسویات طالما هو مستهدف، وهذا هو الحلم السعودی الأصلی، لکن التجربة تقول إنّ قوى حلف المقاومة لا تتصرّف وفق هذه المنهجیة العصبیة، فسوریة التی کانت تعیش أسوأ أیامها أثناء مسارات التفاوض حول الملف النووی الإیرانی شجعت إیران على إنجاز التفاهم وتحمّلت ضریبة الصمود، حتى تحقق الإنجاز لإیران فارتفع منسوب مساهمة إیران إلى جانب سوریة، ولم تخش أن یکون التفاوض على حسابها، بینما حزب الله فی ظروف أفضل بکثیر وسیصمد ویشجّع سوریة على قطف ثمار صمودها فی التسویات المقبلة، ویشجع الیمنیین على قطاف مشابه، ومعادلته التی رسمها فی الردّ على استشهاد سمیر القنطار الذی کان اغتیاله أولى ثمرات التحالف الذی أعلنته السعودیة للحرب على الإرهاب، تقول إنّ الردّ متدحرج ولیس دفعة واحدة، وأنّ الحساب لم ولن یقفل على جمیع الجبهات، لکنه حساب جار والدفعات تأتی تباعاً. (البناء)
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,458 |
||