الأمة الاسلامیة الواحدة ... التحدیات والألیات الفتنة الطائفیة ... والتحدی الصعب | ||
الأمة الاسلامیة الواحدة ... التحدیات والألیات الفتنة الطائفیة ... والتحدی الصعب رمله حمید
تتنامى یوما بعد یوم الفتنة الطائفیة، لتصبح ظاهرة لا یمکن تجاهلها او التغافل عنها، انها وباء یسری فی جسد هذه الأمة، هی سریعة الانتشار، صعبة الإخماد، لذا فان نتائجها حتما ستکون وخیمة على هذه الأمة، هی الفتنة التی وصفها أمیر المؤمنین علی بن ابی طالب (ع) " ان الفتن إذا أقبلت شبهت، وإذا أدبرت نبهت"[1].
أولا: نشوء المذاهب الاسلامیة ان الاختلاف الاساسی بین السنة والشیعة هو قضیة الإمامة والخلافة، فالشیعة ترى ان الإمامة أصل من اصول الدین الاسلامی بعد التوحید والنبوة، وانها جاءت بالنص من الله عز وجل ورسوله (ص) ولیس للامة فیها أی اختیار أو حتى رأی تماما کالنبوة، بینما أهل السنة یرون أن الامامة لیست فی الدین لا من أصوله ولا من فروعه، انما یرون ان خلافة الرسول (ص) تکون بإجماع الامة واختیارها وانها قضیة سیاسیة لیست من الدین، وعلى هذا الاختلاف فان احکام الاسلام الجامعة بین الطرفین توجب الوحدة والاخوة وتحرم دم المسلم[2]. لقد نشأت المذاهب الاسلامیة وارتفعت وتیرة الاجتهاد بعد وفاة الرسول (ص) ، وهو مشرعا وفق لآیة النفر لقوله تعالى " وما کان المؤمنون لینفرو کآفة فلو لا نفر من کل فرقة منهم طائفة لیتفقهوا فی الدین ولینذروا قومهم اذا رجعوا الیهم لعلهم یحذرون"[3] فیشار ان العالم الاسلامی منذ بدایة القرن الثانی الهجری حتى منتصف القرن الرابع الهجری قد شهد أکثر من مئة مدرسة فقهیة انتجت المذاهب المختلفة منها مذاهب فردیة لم تبقى، ولم یکن لها جمهور واسع ، بل انقرضت بموت اتباعها مثل مذهب الحسن البصری، الأوزاعی والطبری، بینما هناک مذاهب جماعیة استمرت إلى یومنا الحالی وهی المذهب الامامی الاثنی عشر، المذهب الزیدی، المذهب الاسماعیلی، المذهب الحنفی، المذهب الشافعی،، المذهب المالکی، المذهب الحنبلی والمذهب الاباضی[4].
ثانیا: الاتجاهات من شیوع الطائفیة: مع هذا الانقسام فی حالة الامة وشیوع الطائفیة تحرکت فی الساحة عدة اتجاهات ومواقف من الطائفیة وخطاب الوحدة منها:
1- الاتجاه المتعصب: هو الاتجاه المتعصب نحو مذهبه الرافض لأی مذهب آخر باعتباره خارج الدائرة الاسلامیة، هذا الاتجاه أنتج حالات من التطرف والعنف سواء من الجانب السنی او الشیعی ودفعت الأمة الاسلامیة أثمان باهضه جراء المواجهات الدامیة التی اریقت فیها دماء، وکان لهذا التطرف مؤثرات خارجیة معادیة للإسلام والمسلمین.
2- الاتجاه المتحفظ: هو اتجاه بات لا یؤمن بالتقارب، لیس انطلاقا من عصبیة أو تشدد بقدر ما هو خوفا من الغاء الانتماء المذهبی، فلذا تجده یبتعد عن قبول فکرة التنوع المذهبی ،ولا یستوعب ابدا، ان الاختلاف فی مجالات الفکر والفقه، مما ینتج عنه من صیاغات علمیة متحرکة لا یتنافى مع فکرة عدم التخلی المذهبی.
3-الاتجاه المتشائم: اتجاه یغلب علیه التشاؤم والاحباط من أی فکرة اتفاق أو تعایش بسبب اخفاقات متکررة وتجارب فاشلة فی القبول والانسجام، لذا فهو لا یرى أی فائجة مرجوة من اضاعة الجهود والقدرات والامکانیات فی صنع مشروع لا یتحقق على أرض الواقع.
4- الاتجاه الکسول: هو یعبر عن حالة نزوع نفس نحو الاسترخاء والتخاذل، هم یؤمنون بقبول المذاهب الأخرى وضرورة التعایش معها، لکنهم مأسورین بالکسل والتخاذل للتصدی لمشروعات الفتنة الطائفیة لان ذلک یکلفهم جهدا وعناء وصبرا وثبات وتضحیة وغطاء مستمر، وهم فی منای من ذلک کله. 5- الاتجاه المتفائل: هو اتجاه الذی یغلب علیه الوعی والاعتدال والقبول بالآخر، لذا فهو یتجه نحو العمل على الوحدة الامة الإسلامیة: ویسعى بالحرکة والتخطیط والعمل نحو التصدی لمشروعات الفتنة الطائفیة منطلقا من دعامتین هما: القناعات الشرعیة والضرورات الموضوعیة[5].
ثالثا: عوامل الفتنة الطائفیة: هناک عوامل مؤثرة فی خلق التباعد، واذکاء روح الفتنة سواء على مستوى الداخل أو الخارج: 1- العوامل الداخلیة: - الانغلاق والتفکیر والارهاب: ان شهادة ان لا إله الا لله تعصم صاحبها فی دمه وماله، لکن الانغلاق فی فکر اوحد دون الانفتاح على الاخرین وتقبلهم بقدر اختلافهم یؤدی إلى الحدیة التی تفرز ظاهرة التکفیر، فکان الارهاب البذرة الأولى لظهور هذا التکتل فی عهد الإمام على (ع) عندما حاربهم فی النهروان وقضى على تکتلهم: وعندما استبشر أصحابه بهلاکهم قال لهم الإمام (ع) " کلا، وإنهم والله نطف فی أصلاب الرجال وقرارات النساء". فالحالة التکفیریة والتطرف الدینی حالة تکتسح الساحة الإسلامیة مسببة مزیدا من تعمیق للفجوة الطائفیة والعزل المفضی إلى التخریب واستحالة الدماء[6].
- سوء الفهم والتفاهم: ان التفارق والبعد هو نتیجة لسوء الفهم والتفاهم الدائر بین المسلمین جمیعا، فهناک أسس إسلامیة تجمعنا وثقافة وحضارة واحدة وتاریخ موحد، فهمنا فی إن المتحرکون فی اتجاهات متعاکسة لا یمکنهم أن یتحدوا ویتعاونوا فهما خاطئ، فالتعاون لا یعنی إن یتحرک لیتحدوا فی اتجاه واحد، علاوة على ذلک فهناک کثیر من التوهمات والتصورات الخاطئة التی تعیش بین اصحاب المذهب الواحد على المذهب الاخر لا محل لها من الاعراب خاصة مع الکثیر وجود من حمالین للحطب یعیشون بیننا ویقتاتون على التفرقة[7].
- النزعات الحدودیة والنزعة العرقیة: هناک نزاعات ثنائیة أو متعددة تستند بعضها على أرث تاریخی باختلاف مذهبی، هذه النزاعات تکبد اقتصاد هذه البلدان نفقات بشریة ومادیة بالإضافة إلى إنها تعیق التقارب والتفاهم بین شعوبهم المسلمة، فالحدود أصبحت جزء من السیادة وعلیه ان تقوم النزاعات وتصبح قضیة وتستفحل طائفیا، کما ان الخصوصیة العامة للقومیة والعرقیة تأخذ الأولیة لبعض الدول على الدین الاسلامی، فلا تکن مدعاة للتقارب، ویزید من الوضع اذا قوام هذه الدولة على قومیة ومذهب بخلاف الدولة الاسلامیة المجاورة،مما تزید معه الدعوات الانفصالیة المستندة إلى التطهیر القومی وسیادة الدولة[8].
- تنوع الأنظمة السیاسیة وعدم الثبات السیاسی: ان التنوع فی الأنظمة والترکیبات السیاسیة فی البلدان الإسلامیة عامل مساعد فی إضعاف أرضیة الائتلاف ومجال خصب لإثارة الطائفیة بین الفرقاء، استنادا على الاختلاف السیاسی. فلذا من الصعوبة الاتحاد بین البلدان المصنفة تحت مجامیع سیاسیة مختلة، کما ان عدم الثبات السیاسی الناتج عن ضعف المؤسسات الحاکمة او فسادها قد یؤدی إلى القلاقل والثورات والجنوح نحو المسلح واثارة الطائفیة بین الفصائل السیاسیة کهروب من الاستحقاق السیاسی، وخلط الاوراق[9].
2- العوامل الخارجیة: - الدول الاستعماریة: للدول الإسلامیة تاریخ طویل مع الدول الاستعماریة الغربیة والتی استخدمت ورقة الطائفیة فی اثارة الفتن لمنع الوحدة الاسلامیة، فجمیع الاثارات الطائفیة فی مختلف أقالیم العالم الاسلامی تشیر إلى ان هناک ید طولى لهذه الدول لأن الأخیرة تخشى من وحدة المسلمین وتطلعهم نحو التحرر من سلطاتها، لأنها ستفقد موقعهم السیاسی لذا فان اثارة الطائفیة هی الأداة الأسهل والأکثر فتکا عند أی محاولة للوحدة والنهضة الاسلامیة.
- الاستکبار العالمی: الاستکبار العالمی قائم على استضعاف الآخر، وتعتبر الولایات المتحدة الأمریکیة هی من یروج ویتسید هذه الظاهرة التی تستقوی على إضعاف الآخرین، فهی الطاغوت، وقد قورن بین الایمان بالله والکفر به لقوله تعالى " ومن یکفر بالطاغوت ویؤمن بالله فقد استمسک بالعروة الوثقى لا انفصام لها" [10]. لذا فهی تعمل علی اضعاف الأمة الاسلامیة والمسلمین، وذلک باستغلال کل ما یمکن استغلاله لتحقیق هذا الاستکبار، لذا کانت ورقة الطائفیة هی أحد الأوراق الهامة فی ید الاستکبار العالمی والذی تمثله الولایات المتحدة.
رابعا :المواجهة والعلاج: الدین الاسلامی هو دین الوحدة، فهو یشرع اسباب التجمع، وینهی عن الفرقة، ویتضح ذلک فی قوله تعالى: " ان الذین فرقوا دینهم وکانوا شیعا لست منهم فی شیء" [11]وقوله عز وجل " وما تفرقوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغیا بینهم ولولا کلمة سبقت من ربک إلى اجل مسمى لقضی بینهم وان الذین أورثوا الکتاب من بعدهم لفی شک مریب فلذلک فادع واستقم کما أمرت ولا تتبع أهوائهم وقل آمنت بما أنزل الله من کتاب وأمرت لأعدل بینکم الله ربنا وربکم لنا اعمالنا ولکم اعمالکم لا حجة بیننا وبینکم الله یجمع بیننا والیه المصیر"[12] کما أن الأحادیث النبویة الشریف رکزت على الوحدة الإسلامیة لقول رسولنا الکریم (ص): " ثلاث لا یغل علیهن مکث امرئ مسلم، إخلاص العمل لله، والنصیحة لأئمة المسلمین واللزوم لجماعتهم"[13]
1- التعاطی مع الاختلافات المذهبیة: قبل الولوج إلى الأسالیب المقترحة ینبغی الإشارة أولا إلى کیفیة التعاطی مع الاختلافات المذهبیة، اذ ان هناک عدة رؤى فی هذا الجانب وهی: · الرؤیة الأولى: نبذ الإثارة المذهبیة: بمعنى الابتعاد عن إثارة قضایا الاختلاف المذهبی على جمیع المستویات سواء على مستوى العلماء والمتخصصین والمثقفین أو على صعید الجماهیر. · الرؤیة الثانیة: طرح جمیع القضایا: أصحاب هذه الرؤیة یرون انه لا بأس من طرح جمیع قضایا الاختلاف على الجمیع سواء فی الدوائر العامة أو الخاصة المرتبطة بالعلماء والمختصین مادام الطرح یکون بشکل موضوعی وعلمی، ولیس فیه اساءة لأحد بحیث لا یؤدی تناول مسائل الاختلاف إلى اثارة الفتنة وتذکیة الطائفیة والتعصب وان الحکم فی الطرح أو یکون من باب الهوى والاغراض السیاسیة. · الرؤیة الثالثة: طرح الاختلافات فی الدائرة العلمیة فقط، أصحاب هذه الرؤیة یتفقون مع الرؤیة السابقة ولکنهم یشترطون ان یکون تناول قضایا الاختلاف ضمن الدائرة العلمیة الخاصة لکون اصحابها یحکمهم العقل والفکر بخلاف طبقة الجماهیر التی ربما تجرها العواطف والانفعالات إلى مالا یحمد عقباها[14].
2 -مقترحات العلاج: · الوعی والمعرفة: ان من أفضل الاسالیب لتحصین المجتمع من فتن الطائفیة ومنزلقاتها، هو نشر الوعی والمعرفة، فهی النور الذی یکتسح الظلمة، فان نشر الوعی یمکنهم من اختراق الظلال الاعلامی، ویجنبهم ان یکونوا ضحایا لهذه اللعبة المخطط لها، والذی یدفع بالعالم الاسلامی للانجرار إلى الاحتراب الطائفی[15].
· الخطاب المتزن: کلا له خطابه، فکما للفتنه خطاب، کذلک للوعی العاقل المتزن خطاب، فالرشد فی الخطاب وعدم طغیان العاطفة على الخطاب هو الانجح حتى ولو لم یستقطب بعدا جماهیریا واسعا والذی بطبیعته یجنح نحو خطاب الشعار والعاطفة وهو الأسرع قبولا وانتشارا، لذا ینبغی أن یکون الخطاب هادئا عاقلا یحمل فی تفکیره الولاء لله ورسوله (ص) وفی الوقت ذاته یمتلک الشجاعة والصراحة فی مواجهة الفتنة الطائفیة لأنه الخطاب الباقی وان قبل متأخرا[16].
· اللقاء والاجتماع: ان الله شرع فی هذا الدین لقاءات وتجمعات إسلامیة ثلاثة هی ( الجماعة، الجمعة، الحج) وهی خطوط توحیدیة تکسب أهمیتها مع خطاب أئمتها الموجهة للمسلمین فی شئونهم السیاسیة والثقافیة والاقتصادیة فی جو من الوحدة وعدم التنافر والإثارة. ویعتبر الحج وشعائره هی أکثر أهمیة من جمیع المناسبات الاحتفالات الإسلامیة اذ هی أوفر عمومیة وأطولها مدة وأکثرها تنوعا فهی ملتقی إسلامی عام، اذ حدد بزمان ومکان واحد وفرض على الجمیع تأدیة مناسکه. یقول الإمام علی (ع) : "الحج تقویة للدین" فلسفة الحج فی کونه دعامة للذین وهدفه اللقاء لقول الامام جعفر الصادق(ع) : ": فجعل فیهم الاجتماع من الشرق والغرب لیتعارفوا" فالالتقاء فی المکان یولد التعارف، والاحرام رمزا للبعد عن التمییز والامجاد والتفاخر وتهمیش القشور والجمیع یتحرک فی مسار واحد، کذا کان الحج وحدة فی الفعل والفکر والذکر والرداء، فهو اجتماع لا مثیل له، فالإسلام لم یدعو إلى الحج للرحیل بقدر ما هو للاجتماع على قلوب واحدة ودعم الصلة بین المسلمین والبراءة من المشرکین وفیه توحید للموقف السیاسی الموحد[17].
· الحوار: للحوار أهمیة کبرى فی التخفیف من حدة التوتر والاحتقان، ولکی ینتهی الحوار بالتی هی أحسن بمعنی انه لا ینتهی إلى جدل عقیم، فبدل ان یکون جسرا للتلاقی یکون ساحة للحرب لذاک لا بد من ضمانات لنجاح الحوار وهی تتلخص فی التالی - ان یکون هدف الحوار واضحا نحو انتاج مشترکات وتسویات لا معترکا. - ان من یدخل الحوار وجب ان یمتلک الکفاءة العلمیة والموضوعیة. - ان یرتکز الحوار على مرجعیة متفق علیها بمعنی ان هناک مسلمات یؤمن بها جمیع أطراف الحوار فی مساراتها. - یجب ان یکون الحوار موضوعیا لا تحکمه المؤثرات الذاتیة والدوافع النفعیة والمصلحة الأنانیة، فلا نتحاور من أجل ان ننتصر بقدر ما تنتصر الحقیقة. - ان تسود الحوار روح المحبة والصفاء والابتعاد عن روح العداء والکراهیة. - ان لا یلغی أحد طرف الحوار الآخر أثناء الحوار. - ان لا یتهم احد منهم الآخر، فمن حق کل طرف ان یخطئ الرأی الاخر استنادا إلى الدلیل والبرهان لکن لیس من حق احد اتهام دوافع الآخر. - اتفاق على نقاط الاتفاق اولا هی أجدى السبل لإنجاح أی حوار استنادا لقوله تعالى " قل یا اهل الکتاب تعالوا إلى کلمة سواء بیننا وبنکم الا نعبد الا الله ولا نشرک به شیئا ولا یتخذ بعضنا بعض أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون" - ان تکون لغة الحوار نظیفة ومرنة وشفافة تملئها الحب والصراحة باتفاق على شروط یلتزم بها جمیع الأطراف[18].
· العمل المشترک: هناک برامج لها دور فعال فی اذابة الحواجز، ویعتمد فی انجاح البرنامج جدیته وفاعلیته على الأرض، وهی برامج متنوعة على المستوى الثقافی والتربوی والروحی والاجتماعی والسیاسی، ونظرا للتحدیات الکبیرة التی یواجهها المسلمون الیوم بحاجة من أی وقت مضی إلى مشاریع کبیرة تقوم بها جماعات منظمة تکون بحجم الأمة بحیث تکون تلک المشاریع قادرة على التحدی ونتائجها تنصب على الوحدة لذا لا یجوز الاستسلام للأمر واقع على انه أمر لا یمکن تجاوزه بحکم القدرة وضعف الامکانیات[19]. الوقت الیوم هو زمن الشعوب وقدرتها على إحداث ما تریده، وفرض ما تراه على انه واقع، فإرادة الامة تصنع المستحیل. فالقضیة الفلسطینیة مشروع وحدوی یرکز على تقویة جبهة الحق وهو مشروع متفق علیه بین جمیع المسلمین، وهی " المفتاح السحری"[20]، فحری بالعالم الإسلامی ان یجعل قضیة فلسطین قضیته التی تفتح له باب الخلاص لأنها مشروع وحدوی ضد من یحاول النیل من هذه الأمة بإثارة الطائفیة.
خامساَ: استشراف المستقبل: هل هناک اعتراض بین الغیب والذی هو من نطاق الله سبحانه وتعالى واستشراف المستقبل الذی یؤدی إلى التنبؤ بنتائج أعمال الناس. القرآن الکریم یدعو فی کثیر من آیاته إلى استشراف وقراءة المستقبل بهدف تقویة الإیمان بالخالق عز وجل والعمل تمهیدا للحکم الصالح فی الأرض وتطبیقا للعدالة وهذا یتضح فی قوله تعالى " ولتنظر نفس ما قدمت لغد"[21] لذا فالإسلام نظر نظرة شمولیة إلى الحیاة وحث الناس للبحث عن مصیرها واختیار الطریق الصحیح واکتشاف اتجاه والتحرک الفعال فی جمیع الأصعدة الروحیة والأخلاقیة والثقافیة والاقتصادیة والسیاسیة وذلک بالتغییر الدائم لقوله تعالى " ان الله لا یغیر ما بقوم حتى یغیروا ما بأنفسهم"[22] فالرؤیة المستقبلیة هی التی تحدد سلوکه ومسئولیته اتجاه اختباراته.
1- تحدیات التقارب والقضاء على الفتنة الطائفیة: هناک الکثیر من التحدیات التی تواجه العالم الإسلامی أبرزها: · سریان الأفکار والنزعات الرجعیة فی بعض البلدان الإسلامیة مما تکون عائق عن تسییر الأنشطة الإسلامیة المتقدمة، کما انها تستغل استغلالا سیئا من قبل اعداء الاسلام فی اثارة الاختلافات. · ظهور التطرفین والمتعصبین والذین یثیرون الاختلافات فی المواجهة بصورة غیر منطقیة مما تسبب تلک الجماعات بؤر خاصة للعنف والتطرف وتقدم اشکالا غیر حقیقیة من وجه الاسلام الذی هو عنوان للسلام. · انتشار الفکر العلمانی والذی یدعو إلى فصل الدین عن الدولة وتعمل اللیبرالیة الدیمقراطیة إلى مشروع الانهیار المفهومی للعالم الاسلامی باعتماد على نشر مفاهیم خاطئة بان الاسلام السیاسی غیر قادر على ایجاد التنمیة المستدامة. · اتساع العولمة وخلفت هویات جدیدة ثقافیة خاصة بین شباب العالم الإسلامی هذه الهویات انسلخت عن الثقافة والحضارة الإسلامیة وسعت نحو التقریب وإیجاد هویة بعیدة کل البعد عن الإطار الاسلامی[23]. 2- الفرص المتاحة التقارب والقضاء على الفتنة الطائفیة: 1- الاسلام هو دین الاستقرار والحیاة النشاط وفیه الکثیر من المبادئ والاستراتیجیات والامکانیات التی تقدر له القوة فی التحرک فی الابعاد المختلفة وفی جمیع مناحی الحیاة. 2- الصحوة الاسلامیة التی انتشرت فی دول العالم الاسلامی والعداء والکراهیة اتجاه الاستعمار والدول الاستکباریة واستهئجانهم لدیمقراطیة التی تکرس العبودیة والاستغلال لغیر شعوبها. 3- الشعوب الاسلامیة لدیها قدرات علمیة وتطلعات نحو مستقبل وان مشاریع فکریة واجتماعیة واقتصادیة ترید طریقا نحو الخروج[24].
[1] - نهج البلاغة. [2] -محمد علی التسخیری، رسالتنا فی تقریب الفکر وتوحید العمل، طهران، المجمه العالمی للتقریب بین المذاهب الإسلامیة، ط2،2011م، ص 184. [3] - سورة التوبة/ 123. [4] - التسخیری، المرجع السابق، ص 63. [5] -حوزة المصطفی للدراسات الإسلامیة، الوحدة الإسلامیة من خطب واحادیث سماحة آیة الله الشیخ عیسى احمد قاسم والعلامة السید عبدالله الغریفی، المنامة، المجلس الإسلامی العلمائی،2012م، ص 53-60 . [6] - محمد مهدی الآصفی، الأمة الواحدة والموقف من الفتنة الطائقیة، طهران، المجمع العلمی لاهل البیت، 1432هـ، ص 35. [7] - السید حمید الموسوی، ترجمة وحید مطهری، الوحدة الإسلامیة فی خطب وآثار الشهید مطهری، طهران، انتشارات صدرا، 1421هـ، ص 119. [8] - سید یحیى صفوی، تعریب عقیل خورشا، وحدة العالم الإسلامی، طهران، المجمع العالمی للتقری، 2010م،ص167. [9] - المرجع نفسه، ص 170. [10] - سورة البقرة/ 256. [11] - سورة الانعام/ 159. [12] - سورة الشورى / 14، 15. [13] - نقلا عن الموسوی، المرجع السابق، ص 23. [14] - حوزة المصطفى، المرجع السابق، ص 60-62. [15] - الآصفی، المرجع السابق، ص 49. [16] - الآصفی، المرجع السابق، ص 51. [17] - صفوی، المرجع السابق، ص71. [18] - حوزة المصطفى، المرجع السابق، ص 65. [19] - حوزة المصطفى، المرجع السابق، ص 62. [20] - من خطاب القائد الامام الخامنئی بمناسبة افتتاح المؤتمر الدولی حول القدس المعقد فی طهران 14-16 ابریل 2006م، نقلا عن أحمد مهدی التسخیری، تقریب المذاهب وتوحید المواقف من کلام الامام الخامنئی، طهران، المجمع العالمی للتقریب بین المذاهب، 2008م [21] - سورة الحشر/ 18 [22] - سورة الرعد / 11 [23] - صفوی ، المرجع السباق، ص 123. [24] - صفوی، المرجع نفسه، ص 211.
مجمع التقریب
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,054 |
||