لا ینقذ الإنسانیة من الوهابیة إلا مصر
بقلم:نبیل لطیف
اتابع دائما مقالات وبرامج الاعلامی المصری المعروف ابراهیم عیسى ، لاسباب عدة ، منها انه یتمتع بثقافة واسعة ، ومتابع دقیق لتطورات الاوضاع المصریة والاقلیمیة والدولیة ، ویطرح قضایا فی غایة الاهمیة ، کثیرا ما یمر من امامها الکثیر من الاعلامیین المصریین مرور الکرام اما خوفا او طمعا ، ویتمتع بشجاعة قل نظیرها لدى الاخرین ، فی طرح هذه القضایا ، ویتناول الازمات والمشاکل التی تعصف بالمنطقة ، بذکاء ورؤیة ثاقبة ، تکشف عن اسبابها ومالاتها.
وفی اخر مقال للاعلامی ابراهیم عیسى کتبه فی صحیفته “المقال” قبل ایام ، اشار فیه الى نقطة فی غایة الاهمیة ، یجب ان تتوقف امامها کل النخب الفکریة فی مصر وخارجها ، حیث طرح فکرة یمکن ان تکون فی حال اعتمادها من قبل النخب المصریة ، علاجا ناجعا لخطر الفکر الوهابی القادم من الصحراء ، على الانسانیة جمعاء.
یربط عیسى فی هذا المقال بین إنقاذ الإنسانیة من الإرهاب وبین قدرة المصریین على مواجهة الوهابیة ، فهو یرى ان مصیر الإنسانیة الآن یتوقف على قدرة المثقفین والمفکرین والسیاسیین المصریین على مواجهة الغزو الوهابی ، الذی بدا منذ السبعینیات من القرن الماضی ، واختراق مصر السیاسیة والثقافیة والدینیة، ونجحت نجاحا مذهلا، معتمدا على الدعم والتمویل السعودی.
ویقول عیسى :” تتمخطر الوهابیة فی عقول مؤسساتنا، وکثیر من أجهزتنا، وسطت على تفکیر ووعی ودین المسؤولین من کبار الدولة حتى مسؤولی الأزهر..المشکلة لدى هذین الطرفین أنهما المکلفان وطنیا وحضاریا بإنهاء المد الوهابی الذی أنتج لنا الإرهاب، والتطرف، والطائفیة، فإذا بأجهزة الدولة الرفیعة، ومؤسسة الأزهر المفترض تنورها ووسطیتها، “متابعین” فکریا، وثقافیا للوهابیة”.
یحمل عیسى النخب المصریة مسؤولیة انقاذ الانسانیة من الوهابیة بقوله :” العبء کله على العقول المصریة الجادة فی هذا الملف التی ترید لیس إنقاذ بلدها وشعبها فقط بل الإنسانیة کلها من أفکار وفتاوى الجهل والتطرف وتکفیر الآخر والعنصریة تجاه الأدیان الأخرى، والحض على الکراهیة، وتعظیم جهاد القتل والغزو، واستنفار الفتن الطائفیة والمذهبیة، لیست الأفکار فقط بل الأموال التی تمول هذه الأفکار”.
ومن اجل الا یُبقی مجالا للطابور الخامس الوهابی السعودی فی مصر ، من الذین سیرفعون فی وجه المصریین “علم ” المساعدات السعودیة لمصر فی حال اعتراضهم على الغزو الوهابی ، یقول عیسى:” دعنا هنا نفرق بوضوح بین الاحترام الواجب للموقف السعودی الداعم لمصر بالمنح والاستثمارات أو الودائع أو شحنات البترول، وخطتها التی لم تتراجع قط لإنهاء النفوذ الثقافی الإسلامی الحضاری لمصر ، فالسعودیة تسند مصر اقتصادیا، وفی المقابل تغزوها وهابیا، هذه هی لعبة الشرق الأوسط منذ منتصف السبعینیات، وحتى الآن”
لم یکن ابراهیم عیسى یبالغ عندما اکد ان “لا أحد قادر على نزع جذور هذه الشجرة الزقوم من الأرض إلا مصر.. إن استعادت عافیتها الفکریة، والثقافیة، واستقلالیتها الدینیة، وروحها الحضاریة .. لیس أمامنا الآن إلا أن ننهض لإحیاء الإسلام المصری لاستعادة روح الإسلام من خاطفیه الوهابیین .. لا شیء سینقذ مصر، ولا سینجو به العالم من الإرهاب إلا حین تستعید مصر (على الأقل مصر غیر الرسمیة الحکومیة) زعامتها المنتزعة من الوهابیة؛ لتقود العالم الإسلامی نحو العصر، لا أن نستسلم، ونسلم أنفسنا للقرون الوسطى، التی تعیش فیها الوهابیة، وتتغذى منها علینا”.
نعید ونکرر ان عیسى لم یبالغ عندما حمل النخب المصریة مسؤولیة انقاذ الانسانیة من الوهابیة ، فکل من ینکر دور مصر الریادی فی العالمین العربی والاسلامی اما جاهل او مغرض ، فهذا الدور لا یختلف علیه من بین عقلاء العالم اثنان ، فالوهابیة لا یمکن ان ترحل عن عالمنا الا بعقول المفکرین والمثقفین وعلماء الدین المصریین المتنوریین ، فهؤلاء فقط من یمکنهم القیام بهذه المهمة الخطیرة على اکمل وجه ، فالوهابیة ما کانت لتغزو العالم ، الا بعد ان تغلغلت فی مصر فی سبعینیات القرن المنصرم ، لذلک نضم صوتنا الى صوت الاعلامی المصری ابراهیم عیسى وکل الاصوات المصریة الوطنیة والاسلامیة التی تؤمن بالروح المصریة المنفتحة والمتسامحة وبالاسلام الازهری الوسطی ، وندعو النخب المصریة باسم الانسانیة جمعاء وباسم اتباع الادیان الالهیة ، ان تهب لاستعادة مصر من الوهابیة التی اختطفتها باسم السلفیة ، ، ومن ثم انقاذ الانسانیة جمعاء وعندها ستعود مصر کما کانت رائدة العالمین العربی والاسلامی .
خاص-شفقنا