الکبار …و الصغار . | ||
الکبار …و الصغار . خاص: بانوراما الشرق الاوسط بقطع النظر عن نتائج و أهداف اللقاء الروسی الأمریکی بین وزیری خارجیة البلدین الذی بدأ منذ یومین فالثابت أن البلدان یتحرکان بمبدأ المشاورات و التفاهم المبطن على کل الجزئیات و التفاصیل التی تهم الصراعات الحاصلة فی العالم و بالذات فی الشرق الأوسط و سوریا و العراق تحدیدا ، هذا الأمر یحدث فی غیاب عدید الدول العربیة الرافضة لبقاء الرئیس السوری بشار الأسد و المتشنجة بعد أن استطاع هذا النظام الصمود فی وجه الغزوات الإرهابیة التکفیریة ، و الجمیع یتحدث الیوم بکثیر من التفاصیل المهمة بأن اللعبة قد انتهت بلا غالب أو مغلوب بالنسبة للقوتین الأعظم فی العالم و أن اللقاءات الأخیرة تهدف إلى وضع اللمسات النهائیة على کل هذه التفاهمات المتبادلة التی تضع بعض الدول المشارکة فی العدوان الدموی على سوریا فی خانة الزوجة التی تکون آخر من تعلم . لعل أکبر المتضررین من التفاهم الروسی الأمریکی هی السعودیة ، قطر ، ترکیا ، الأردن و التیار الحریری فی لبنان بدرجات أقل ، و لعل هؤلاء یجدون أنفسهم الیوم فی خندق الخاسرین و المفعول به مع ذلک الإحساس الواضح لدى شعوبهم بأن الخیانة التی ” بذلوها” طیلة خمسة سنوات من عمر المؤامرة الإرهابیة على سوریا لم تأت بالنتائج الکبیرة المرجوة منها بل أن کل تفاهمات الکبار فی المنطقة و العالم بدءا من سوریا إلى إیران إلى روسیا و الصین و أمریکا قد تمت بعیدا عن أعینهم و دون مجرد الالتفات إلیهم کأدوات فاعلة فی هذه المؤامرة ، و الحقیقة أن الأحداث تثبت مرة أخرى أن السعودیة و قطر و ترکیا قد راهنت على الخیار الخاطئ فی اللحظة الخاطئة و ضد الطرف الخاطئ فی لحظات مفصلیة من تاریخ الصراع العربی الغربی الذی أصبحت فیه إسرائیل کعدو مجرد تفصیل بعد أن تبین أن الغرب برمته قد جند نفسه منذ سنوات للإطاحة بالدول العربیة الرافضة للهیمنة الغربیة الصهیونیة الأمریکیة بشهادة ما یسمى بمشروع برنار لویس لتفتیت المنطقة و نشر موضوع الفوضى الخلاقة لکبار المحافظین فی البیت الأبیض. لا بد من الإشارة إلى أن المشکلة السوریة لا تمثل فی حقیقة الأمر و الواقع إلا طالع مشاکل المنطقة بعد أن تبین أن احتلال العراق قد تم تدبیره مسبقا و منذ سنوات سابقة و أن مشاریع تقسیم المنطقة إلى مکونات متفتتة صغیرة قد وضع فی أدراج وزارة الخارجیة الأمریکیة منذ سنوات ، و الذی یحدث الیوم فی سوریا و العراق بالذات هو تجربة و تنفیذ لتلک المشاریع بید الدول الخلیجیة و هو الأمر المخطط مسبقا أیضا بعد أن حسمت الولایات المتحدة أمرها بعدم إرسال جنودها مجددا للموت فی المنطقة العربیة و الاستعاضة عن ذلک بالجماعات الإرهابیة التکفیریة السعودیة المدمنة على المخدرات ، و رغم وضوح المشروع و أهدافه التدمیریة للمنطقة العربیة فقد أصرت السعودیة و قطر و بقیة دول الخلیجیة على التآمر على سوریا بعد أن تآمرت على العراق على القیام بما یلزم لتنفیذ هذه المشاریع الصهیونیة أولا لضمان استقرار عروشها المریضة و ثانیا لتأمین تلک العروش مما یسمى بنسائم الربیع العربی التی تداخلت المخابرات الغربیة فی توجیهها نحو المنطقة الخلیجیة . من الواضح أن روسیا بوقوفها إلى جانب سوریا بالذات قد سجلت أهدافا بالجملة فی المرمى الغربی بکل تضاریسه و تفرعاته ، و رغم کل المغریات الخلیجیة فقد هزم القیصر الروسی کل الأحلام الخلیجیة بإسقاط الرئیس الأسد ، و بل و من المؤکد کما جاء على لسان الرئیس بوتین بالأمس فی ندوته الحواریة مع الصحافة العالمیة أن هناک خاسرون بالجملة تتقدمهم السعودیة و قطر و ترکیا ، و أن استهداف و إسقاط الطائرة المقاتلة الروسیة من الجیش الترکی منذ أیام قد أغلق کل منافذ الحوار بین القیادتین و رتب نتائج اقتصادیة عکسیة على الجانب الترکی بما مثل تعبیرا واضحا بأن الصغار یبقون صغارا و لا مکان فی لعبة الأمم للصغار ، أیضا من المهم التأکید أن إصرار القیادة الروسیة على بقاء الرئیس الأسد و الاستناد إلى شرعیته الانتخابیة هی عناوین کبرى تؤکد خروج سوریا من عنق الزجاجة الخطیر الذی وضعتها فیه المؤامرة الإرهابیة الخلیجیة لمدة ناهزت الخمسة سنوات . لم یتفطن أعداء سوریا و المقاومة أنهم سیظلون جزءا من المشکلة و لیسوا جزءا من الحل ، و لعل “هروب” السعودیة من فشلها فی سوریا إلى “عاصفة الحزم” ضد الیمن ثم الهروب من هذا الفشل الیمنى إلى محاولة “إنشاء” قوة ردع عربیة سنیة ضد الإرهاب هو عنوان آخر من عناوین فشل السیاسة السعودیة المتواصل منذ سنوات طویلة ، لذلک سیبقى نظام الفساد السعودی مرآة قذرة لکل الدسائس و المؤامرات على الشعوب العربیة ، و سیبقى کبار العالم یتحالفون و یتقاسمون هذه الکعکة العربیة بعد أن سلمت بعض الدول العربیة مفتاح إرادتها السیاسیة إلى قیادة الدول الغربیة دون أن تدرک أن هذا الأمر سیعمق جراح المنطقة و یزید من تکالب الصهیونیة على خیراتها ، و لعل انتصار الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی معرکة النووی و انتصار سوریا فی معرکة مجابهة الإرهاب و انتصار حزب الله فی معرکة کسر الإرادة الصهیونیة هی عناوین المرحلة القادمة التی لا مکان فیها لهذه الکیانات الخلیجیة الصغیرة التی ستسقط تباعا و بالریموت کنترول الصهیونی . | ||
الإحصائيات مشاهدة: 657 |
||