سوریا ، الثمن الباهظ. | ||
سوریا ، الثمن الباهظ.
أحمد الحباسى لم یخف الرئیس بشار الأسد فی آخر تصریحاته أن سوریا قد دفعت ثمنا باهظا لاسترجاع “حریتها” المسلوبة من جماعات الإرهاب التکفیریین و دعاة التضلیل الإعلامی و صانعوا مؤامرات تخریب الوطن العربی ، هذه التصریحات لم تکن مفاجأة للجمیع بما فیهم هؤلاء الذین صنعوا المؤامرة و دبروها بلیل ، لکن المفاجأة قد کانت فی التوقیت و فی دقة التفاصیل و فی المغزى الذی أراد الرئیس السوری أن یصل لقلوب الشعب السوری و لقلوب المتواصلین وجدانیا مع المقاومة و مع رئیس و قائد المقاومة العربیة ، و فی خصوص التوقیت فقد لاحت للجمیع بوادر النصر بعد أن خفتت بعض الشیء فی المراحل السابقة ، و الیوم سوریا بمقدورها أن تصرح بکونها قد انتصرت فی معرکة تغییر الخریطة الدولیة رأسا على عقب و فی صنع انتصار تاریخی یعطى لضریبة الدم معناها و للصمود معناه و للقیادة الحکیمة معناها. التوقیت مهم ، فالمعرکة بین الحق و الباطل قد حسمت لصالح الحق ، و الذین شرعوا للإرهاب أن یفرض الباطل على الحق فشلوا فشلا تاریخیا ذریعا ، و قناة ” الجزیرة” مثلا علیها أن تجمع “أغراضها” من الأدباش و المعدات و الأفکار و التحالیل و تخرج للتقاعد المبکر بحثا عن مکان تتوارى فیه لتخفى سؤتها و نشازها “الإعلامی” المسموم طیلة خمسة سنوات من عمر المؤامرة القذرة على سوریا ، لکن لم یکن من السهل أن تفشل الجزیرة فی سوریا لولا التضحیات الجسام التی قدمها الإعلام السوری لإعطاء صورة حقیقیة للوضع رغم أن الوجدان العربی لم یکن یمیل دائما للإعلام الرسمی منذ نکسة 1967 ، و حین تقوم جامعة الدول العربیة بإسقاط القنوات السوریة من مدار القمر العربی عربسات بحجة أن تلک القنوات تحض الناس على الکراهیة لتفسح المجال لقنوات الکراهیة الخلیجیة نفسها لتبث من داخل الأراضی السوریة بتغطیة من المخابرات المندسة و فلول الجماعات الإرهابیة التکفیریة فلم یعد غریبا أن نتحدث عن مؤامرة إعلامیة خلیجیة صهیونیة غربیة تعطى للتضحیات السوریة قیمتها المضاعفة . تفخر الدول بحضارتها و امتدادها الحضاری عبر التاریخ ، و سوریا أرید لها کدولة متجذرة فی أعماق الحضارة و التاریخ أن تفقد هذه المیزة لان کل دول الخلیجیة ذاتها قد ولدت من سفاح التاریخ و تربت فی أحضان الإمبراطوریة البریطانیة لتترکها بعد رحیلها فی ید الصهیونیة ، و لیس غریبا إذن إن تتکفل مجامیع الإرهاب السعودیة الترکیة من البدایة بمحاولة محو التاریخ الحضاری السوری بنهب و سرقة و تدمیر المعالم و الآثار لیتم نقلها بواسطة المخابرات السعودیة و الترکیة بالذات إلى الصهاینة و أسواق بیع الآثار المنهوبة من الدول العربیة ، کانت الحجة السعودیة التکفیریة أن الآثار رجس من عمل الشیطان لکن هؤلاء لم یستطیعوا إقناع الشعوب العربیة المتعلقة بآثار حضارتها بان الإسلام قد کان یوما فی معرکة مع التاریخ و لا مع الحضارة و أن الرؤوس السعودیة القاحلة هی من دبرت هذه المعرکة لخدمة الأهداف الصهیونیة ، و حین تنتهی هذه الحرب الملعونة سیقف التاریخ و العالم على حجم التضحیات و الدمار الذی لحق البنیة التحتیة للآثار السوریة التی تشهد على عظمة تاریخیة سوریة أغاضت من به مرض و کراهیة نحو سوریا . من الممکن أن یختلف البعض مع رئیس حزت التوحید اللبنانی الوزیر السابق وئام وهاب لکن متابعة مواقفه قبل و بعد بدایة المؤامرة على سوریا تعطى المتابع کثیرا من المعلومات و التحلیلات الصادقة التی تغیض الجانب القطری و السعودی لأنه یتوجه بنقده دائما إلى رأس المشکلة و لا یدیر الزوایا عندما یتعلق الأمر بسوریا ، فالرجل تحدث من البدایة عن فشل هذه المؤامرة و أن عربان الخلیج العملاء لن یقدروا على الإطاحة بالرئیس بشار الأسد ، و لعله من القلائل الذین تحدثوا عن تصاعد الدور الروسی و إمکانیة اشتراک روسیا فی القتال إلى جانب الجیش السوری ، و رغم أن کل الدلائل قد دفعت بعض المتابعین الموالین لحلف المؤامرة لإعلان الانتصار المسبق فقد بقى الرجل على مواقفه الثابتة مؤکدا أن سوریا ستدفع کل الأثمان الباهظة المطلوبة لإفشال المؤامرة و أن عقیدة الجیش السوری القتالیة لیست محل مزایدة إلا فی أذهان المتآمرین الفاقدین للشرف مثل ریاض حجاب و عبد الحلیم خدام و ستبقى بعض مواقف و تصریحات الرجل ضد أرکان النظام القطری و السعودی محل تقدیر من الشعوب العربیة لأنها نطقت بعمالة و خیانة هذه الجهات الخلیجیة بالذات لسوریا خدمة للجانب الصهیونی . یعترف سماحة السید حسن نصر الله بالدور السوری فی انتصار تموز 2006 و بالذات فی دورها فی حمایة المقاومة ، هذا الاعتراف الصادر عن سید المقاومة تجاه قائد المقاومة العربیة لیس قلیلا ، فسوریا قد قدمت دائما کل التضحیات المطلوبة لنصرة الحقوق العربیة و إذا جاءت حثالة سعودیة قطریة بائسة تنکرت لما قدمته سوریا للحفاظ على هذه الکیانات الهشة فان المقاومة العربیة فی کل عناوینها لا یمکنها إلا أن تنحنی للدور السوری الذی مکن هذه المقاومة من الاستمرار رغم کل الضغوط الصهیونیة الغربیة ، و الرئیس الراحل حافظ الأسد قد کان من أوائل الذین أعطوا درسا فی الممانعة و الامتناع لرئیس اکبر دولة فی العالم رافضا الحلول الترقیعیة التی تغبن الحقوق العربیة مفضلا أن تتعرض سوریا لکل الضغوط و المؤامرات و التحذیرات فی سبیل أن تبقى کلمتها الرافضة للخنوع مسموعة للأجیال السوریة و العربیة الکارهة للخلیج و لصهاینة الخلیج ، لذلک فان تصریح الرئیس بشار الأخیر یأتی فی سیاق التضحیات السوریة المتواصلة ، و المواقع المهمة فی العالم لا تکتسب إلا بالتضحیات التاریخیة المنجزة ، و لا عزاء للخونة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 3,962 |
||