لماذا یحـارب الأزهـر التشیـّع و یرفـض تکفیـر “داعــش”؟.. | ||
لماذا یحـارب الأزهـر التشیـّع و یرفـض تکفیـر “داعــش”؟..
خاص: بانوراما الشرق الأوسط أعلنت مشیخة الأزهر نهایة الأسبوع المنصرم، عن تنظیم مسابقة لطلبة المعاهد الدینیة حول موضوع “نشر التشیّع فی المجتمع السُّنِّی ومخاطره”، خصصت له جوائز بعشرات الآلاف من الجنیهات المصریة.. ویأتی هذا الإعلان، فی إطار سلسلة من الإجراءات المعادیة والمدروسة ضد الطائفة الشیعیّة المسلمة فی إطار إستراتیجیة تخریبیة صهیو – وهابیة، هدفها الأساس تأجیج الفتنة الدینیة بین المسلمین لتحقیق أغراض سیاسیة خبیثة تخدم مشروع الهیمنة الأمریکیة التی لا یمکن أن یتحقق واقعا على الأرض إلا من خلال مبدأ فرّق تسد الذی قال به ‘مکیافیلی’، والذی خبره الاستعمار البریطانی طویلا فی المشرق العربی وأثبت نجاعته ونجاحه فی إضعاف لحمة الأمة ومناعتها، مستغلا فی ذلک جهل المسلمین من جهة، وتواطؤ فقهاء السّلاطین المنافقین مع الأنظمة الاستبدادیة الفاسدة والعمیلة للاستعمار الغربی من جهة أخرى. هذه لیست المرة الأولى التی تسعى من خلالها مشیخة الأزهر لبث الفرقة والعداوة والبغضاء بین أمّة محمد صلى الله علیه وآله وسلم، فقد سبق لهذه المؤسسة الکهنوتیة التی لا تختلف مناهجها الدّغمائیة فی شیئ عن مناهج محاکم التفتیش المسیحیة فی العصور الوسطى، أن فاجأتنا بعدید الفتاوی التی تحرّض على الشیعة، لا لشیئ سوى لأن هذه الطائفة الکریمة تؤمن بمنهج آل البیت الأطهار وتختلف فی السیاسة مع نبلاء قریش، خاصة منهم أولئک الذین یحکمون شعوبهم على سنة من قتلوا آل بیت رسول الله وهدموا الکعبة ونبشوا القبور ومثلوا بالجثث، وهو النهج الذی نراه مجسدا الیوم فی أعراب الزیت من أصحاب العقیدة الوهابیة ومن یأتمر بأمرهم ویدور فی فلکهم من أجل حفنة من الدولارات.. غیر أن الأمر لا یقتصر على الشیعة فحسب، فتاریخ الأزهر حافل بفتاوى التکفیر التی طالت حتى مفکرین سنّة لمجرد أنهم خاضوا مغامرة البحث عن المعرفة لتصحیح عدید المفاهیم الدینیة المغلوطة على سنّة محاکم التفتیش المسیحیة فی العصور الوسطى، والفرق بینهما هو فقط فی التّسمیة، ففی الوقت الذی کانت الکنیسة تعتبر الخروج عن عقیدتها “هرطقة”، ها هو الأزهر یعتبر الیوم کل معارضة لعقیدته الظلامیة “کفرا”، وللمفارقة، نلحظ الیوم أن مشیخة الأزهر ترفض رفضا قاطعا تکفیر تنظیم “داعش” مثلا، والذی لا یمکن لأی مسلم عاقل أن یعتبر “الدواعش” مسلمین سنـة، فأحرى أن یکونوا مؤمنین بالله وملائکته وکتبه ورسله والیوم الآخر وهم یأتون ما حرم الله من قتل وفساد باسمه الرحمن الرحیم، وإلا لأصبح الإسلام عنوانا للبربریة والتوحش وکل ضروب الإرهاب والفساد فی الأرض. والمصیبة أن مشیخة الأزهر تکذب جهارا نهارا عندما تدّعی زورا وبهتانا على لسان وکیلها المدعو ‘عبّاس شومان’ الذی قال فی إحدى تصریحاته الصحفیة قبل أیام، إنّ “الأزهر لم یکفّر أیّ شخص أو جماعة على مدار تاریخه”، وهو ما فنّذته ابنة الکاتب الرّاحل ‘فرج فودة’، بقولها: “إنّ عملیّة اغتیال والدی کانت بناء على فتاوى أغلب شیوخ الأزهر بتکفیره بسبب مطالبته بفصل الدین عن السیاسة”، وفق ما نشتره الصحافة المصریة وتناقلته عدید المواقع الإلکترونیة فی المحروسة، ومعلوم أن من کفّر المفکر ‘فرج فودة’ وأهدر دمه هو الشیخ ‘عبد الغفّار عزیز’ أحد رموز الأزهر الکبار وفق ما نشرته جریدة النور فی عدد (1 یونیو 1992). ولعل بعضنا یذکر أیضا مهزلة اجتماع لجنة من 20 “عالماً” أزهریا لیس لهم من العلم إلا التّسمیة، وانتهوا بإصدار قرار شهیر بتکفیر الدکتور ‘نصر حامد أبو زید’، الباحث والمفکر الإسلامی المعروف، وطالبوه بالتوبة عن بعض الأفکار الّتی أوردها فی دراساته، ثمّ حکم علیه القضاء المصریّ وفقا لذلک بالردّة وتطلیق زوجته منه، ممّا اضطرّه وزوجته إلى الهجرة. وأقول بالمناسبة، أنی من الدارسین لفکر الدکتور نصر حامد أبو زید وغیره، وفی مکتبتی کل مؤلفاته التی ألتقی مع عدید من الأفکار التی جاءت بها وأختلف معه فی أخرى کثیرة، وأبرز نقطة الخلاف التی لا أوافقه علیها لا تتعلق بالأفکار فی حد ذاتها بغض النظر عن صحتها من عدمها، بل فی المنهج النقدی المادی (المارکسی) الذی اعتمده الکاتب فی تحلیل الخطاب القرآنی خصوصا، فیما الخطاب القرآنی خطاب ربانی مطلق لا بشری نسبی، وبالتالی، لا یمکن دراسته من زاویة الحالة النفسیة والتاریخ الاجتماعی والظروف الزمکانیة الموضوعیة لصاحب الخطاب لمعرفته أولا قبل الحکم على مضمون خطابه مثل ما هو الحال مع الخطاب الأدبی مثلا، وحیث أن بعض اجتهادات المفکر (ولا أقول کلها) انطلقت من هذه الأرضیة الخاطئة، فالنتائج التی أفرزتها لا یمکن اعتبارها صحیحة بالمطلق، لکن ذلک لا یسمح لأی کان بتکفیره لمجرد أنه اجتهد وأخطأ فیما أصاب الرجل فی قضایا کثیرة لا یسع المجال هنا لذکرها. لا أرید أن أغوص عمیقا فی تاریخ تکفیر التفکیر فی العقیدة الأزهریة، والذی یعود فی العصر الحدیث إلى عام 1926 عندما أقدم مفتش قسم الوعظ والإرشاد فی الأزهر الشیخ ‘عبد ربّه مفتاح’ بتکفیر الأدیب طه حسین الذی شکک فی الأدب الجاهلی وفی الخطاب القرآنی الذی اعتبره مخلوقا على شاکلة مقولة “خلق القرآن” التی قال بها المعتزلة، ثم تراجع عن ذلک بعد أن أدرک خطأه.. ولا ما تلى ذلک من تکفیر شیوخ الأزهر لکاتب ومفکرین مرموقین، لعل أبزهم ‘نجیب محفوظ’ بسبب روایة “أولاد حارتنا”، حیث اتهم بسببها بالإلحاد والزندقة، وأُخرج عن الملة، وغیر ذلک کثیر.. لأن ما یهمنا هنا هو أن مثل هذه السوابق فتحت الباب واسعا لموجة من التکفیر الذی طال کل المخالفین لهذه المؤسسة الکهنوتیة من المفکرین السنة قبل الشیعة، هذا علما أن قضیة الکفر والإیمان هی من مجال حکم الله وحده دون سواه.. والیوم، یبدو أن الظروف السیاسیة فرضت على شیوخ هذه المؤسسة الکهنوتیة الترکیز على تکفیر الشیعة وتجنب ذلک بالنسبة لـ”داعش”، لأن هذا التنظیم الإرهابی المجرم ولید الفکر الظاهری المتشدد الذی یؤمن به الأزهر کعقیدة ومنهج، وبالتالی، ینطلق منه لعدم تجریم الإرهاب، ولا یکفی ما أورده ‘د. جابر عصفور’ وزیر الثقافة المصری من تبریر خلال إطلالته من على إحدى القنوات المصریة الأسبوع الماضی حیث قال: “المؤسسة الدینیة وعلى رأسها شیخ الأزهر لا ترید قط أن تؤمن بالتنویر أو بالفکر العقلانی”. وهذا صحیح، مضیفا: “على رأس المؤسسة الأزهریة شیخ أزهر أشعری .. والأشعریة لهم طریقة معروفة فی التفکیر.. هم أقل من الاتجاهات العقلانیة فی النزوع الفکری وأکثر تحفظا، ومن هنا یأتی الإلحاح على أن الداعشی لیس کافرا”، ثم تابع یقول: “لو سألت معتزلی أو عقلانی، إن من یؤدی إلى فتنة تحدث هذا الضرر فی العالم، فلا بد من تکفیره”.. والحقیقة أن ما قاله وزیر الثقافة لجهة اعتبار شیخ الأزهر “أشعری” لیس دقیقا تماما من ناحیة العقیدة، لأن شیخ الأزهر أقرب ما یکون لفکر “المرجئة” من ناحیة خدمته لأسیاده ‘آل سعود’ من جهة، ولفکر “الخوارج” بسبب تقاطع العقیدة الأزهریة السلفیة مع العقیدة “الداعشیة” الوهابیة، خصوصا فی ما له علاقة بالموقف من الصراع الذی کان قائما حول قضیة الحکم والإمامة وقضیة مرتکب الکبیرة، حیث کان المرجئة أقرب إلى الخوارج منهم للعلویین الشیعة، لاعتقادهم بمبدأ الجبر ضدا فی مبدأ حریة الاختیار، وما نشب عن ذلک من تحول الخلاف السیاسی إلى خلاف فقهی حول تعریف الإیمان والکفر وعلاقتهما بالعمل، وهذا هو جوهر المعضلة التی لا یعرف کیف یخرج منها الأزهر الیوم، لأنه یؤمن بمقولة المرجئة: إن “الله قد حکم أزلا أن تصل هذه الأسرة أو تلک إلى الحکم، وأن ما یعملون (حتى لو کان ظلما ومنکرا وفسادا) لیس إلا أثرا أو نتیجة لقدر إلهی محکم”، وبالتالی، لا یجوز الخروج علیهم ما داموا ینطقون بالشهادة ویصلون ویصومون ویحجون، وهذا تبریر للظلم والفساد ضدا فی عدل الله وإنکارا لإرادة الشعوب الحرة المسؤولة.. لذلک، یعتقد شیخ الأزهر وفق ما یستشف من أدبیاته، أن العمل لا یعتبر شرطا للإیمان کما ینص على ذلک القرآن، ما یفتح الباب واسعا للتلاعب بمعاییر الثواب والعقاب ویؤدی إلى ازدواجیة فی الحکم، وفوضى أخلاقیة واجتماعیة تعمق الصراع بین مختلف أبناء الأمة الواحدة لتطال ثوابت الدین وقیمه الإنسانیة، وهذه هی الجذور التی أنبثت الفوضى التی تعیشها الأمة الیوم وأنتجت “القاعدة” و “داعش” وأخواتها، وشجعتهم على القتل والسبی والاغتصاب. کثیرة هی الکتابات التی تناولت مناهج الأزهر التعلیمیة وتمت مقارنتها بأفعال “داعش”، وتبین بما لا یدع مجالا للشک، أن أفعال “داعش” لا تحید فی شیئ عن عقیدة مشیخة الأزهر التی تبیح قتل المسلم التارک للصلاة، والمرتد عن الإسلام، والأسرى، والکفّار الذین لا یدینون بالإسلام الحق حتى لو کانوا مسلمین بالفطرة والوراثة، فیما یجهل الأزهر نفسه ماهیة مفهوم الإسلام وفق التعریف القرآنی، فیجیز فی مناهجه مثلا فقأ أعین من یعتبرهم کفارا، وتقطیع أیادیهم وأرجلهم ورؤوسهم ضدا فی إقراره تعالى أن لا إکراه فی الدین من شاء فلیؤمن ومن شاء فلیکفر إن الله غنی عن العالمین، هذا بالإضافة إلى منع بناء الکنائس والتّمییز بین المذاهب وما إلى ذلک مما یتطلب کتابة عدید الصفحات للإحاطة بعناوینه دون الخوض فی تفنید تفاصیله. هذا، ناهیک عن فتاوى النکاح، والتی من أبرزها أن من یدفع للزانیة أجرها لا یعتبر زانیا، ومن ینکح خادمة له فی البیت لا یعتبر زانیا، ولا ندری إن کان هذا المنطق ینسحب أیضا على المدیر الذی یقیم علاقة مع سکرتیرته فی المکتب أم لا، المهم أن الأزهر واستنادا إلى أصول الفقه الحنفی، یجیز فاحشة الزنا التی تصبح فعلا حلالا مقابل أجر.. أما قمة الهمجیة، فتکمن فی جوازهم مواطأة الرجل لزوجته المیتة، وهی الفتوى الشهیرة التی سرقها داعیة “السّکسولوجی” المتخصص فی “فقه النوازل” الشیخ المغربی “عبد الباری الزمزمی” ونسبها إلى نفسه، فی حین أنها من مناهج فقه الأزهر التی وردت فی باب “نکاح المواعدة” أو “وطأة المیتة”، وهو الأمر المقزز الذی ترفضه الطبیعة البشریة السلیمة، لأن الإنسان باعتباره منظومة شعور وإحساس لا یعقل أن یقدم على فعلة کهذه فی لحظة حزن عمیق بمصاب جلل، وهو الأمر الذی لم نعهده حتى فی عالم الحیوانات فما بالک بعالم الإنسان.. فیما تکمن ثالثة الأتافی، ما أشارت إلیه مجلة ‘روز الیوسف’ على لسان الشیخ الأزهری المتمرد ‘محمد عبد الله نصر’ الذی کشف أنه فی کتاب “متن الإقناع فی حل ألفاظ أبى شجاع” الذی یعتمده الأزهر فی مناهجه التعلیمیة ویدرس للصف الثالث من الثانوی، وتحدیدا فی الصفحة 72 “باب الطهارة”، ورد جواز “الاستنجاء بالإنجیل والتوراة” عند دخول المرحاض.. وغیرها کثیر مما لا یسع المجال لذکره، وبالتالی، ماذا یتوقع أن یفعل الآخرون بالقرآن وفق هذه الفتوى الظلامیة؟.. فأی تسامح واعتدال یمثله الأزهر بعد هذه الفضیحة التی تهتز من هولها أرواح الرسل فی السماء؟.. والحقیقة، أن المطلع على المنهج التعلیمی الأزهری والمنهج السلفی الأصولی والمنهج الوهابی، لا یسعه إلا أن یخرج بخلاصة مفادها، أن هذه المناهج کلها تجمع بینها قواسم مشترکة ثلاثة: أنها تکفیریة، وأنها رجعیة، وأنها ظلامیة.. وبالتالی، لا یمکن بحال من الأحوال أن تمثل الإسلام الذی اعتبره رب العالمین دینا لکل عباده منذ نوح صعودا وإلى محمد هبوطا مرورا بکل الرسل والأنبیاء ممن نعرف ولا نعرف علیهم الصلاة والسلام جمیعا.. ومرد هذا الإشکال، یعود لغباء مشایخ الأزهر الذین یعتبرون أن الإسلام هو الدین الذی جاء به محمد، وهو ما لم یقله لا الله ولا محمد، وأن هناک عدة أدیان کالیهودیة والمسیحیة وغیرها، فی حین أن الله لم یفرق بین الأدیان ولم یقل بذلک فی القرآن بالمطلق، بل قال أن هناک دینین فقط، دین الإسلام الذی اختاره الله لعباده کافة منذ الأزل وإلى أن تبدل الأرض غیر الأرض والسماوات غیر السماوات، وهناک دین من یکفر بالله وکتبه ورسله والیوم الآخر، وأن مفهوم الإسلام من وجهة نظر القرآن یعنی، أن کل من یؤمن بالله والیوم الآخر ویعمل صالحا فلا خوف علیه ولا هو یحزن، سواء أکان یهودیا أو نصرانیا أو من الصابئة أو من الذین أسلموا من أمة محمد أو من أمم أخرى سابقة. لا نرید الإطالة فی هذا الباب، بالرغم من أنه من المفید فضح هذه المؤسسة الکهنوتیة التی تحولت الیوم إلى معول هدم بید آل سعود لتدمیر الإسلام والتفریق بین المسلمین بسلاح التکفیر والتحریض وزرع بذور الفتن والفرقة والشقاق مقابل ملایین الدولارات التی تحصل علیها، مستغلة بذلک المکانة الخادعة للأزهر التی ترسخت فی عقول الجهال من الناس، بالکذب والتضلیل وادعاء أن الأزهر یعتبر منارة للعلم والمعرفة ورمزا للوسطیة فی الإسلام على شاکلة الوسطیة التی کان یدعیها مفتی الناتو الجنرال یوسف القرضاوی.. والحقیقة، أنه ما کان لنا لنهتم بما یقوله الأزهر لولا أن حوله کهنته إلى منبر للتحریض على طائفة کریمة من المسلمین، بهدف إشعال فتنة لا تبقی ولا تذر، خدمة للصهیونیة العالمیة، (الأمریکیة والأطلسیة والیهودیة والعربیة). والمفارقة، أن الإمام الخامنئی فی الجهة المقابلة، نراه یبعث برسالتین للمسلمین فی المهجر عقب الأحداث الإرهابیة التی ضربت أوروبا وتنامی مشاعر الرهاب من الإسلام، یحثهم خلالها على التضامن والتکافل والتعاون ونبذ العنف والفرقة والخلاف، والتحلی بالأخلاق المحمدیة الحمیدة وقیم التسامح والتعایش، لکنه لم یطالبهم باعتناق المذهب الشیعی أبدا، ولو یتوجه إلیهم بنبرة الولی الآمر أو الوصی المتسلط، بل آثر أسلوب النقاش العقلانی المفتوح، وحثهم على تحفیز عقولهم للبحث عن الحقائق بأنفسهم، بعیدا أن أسلوب الفرض والإلزام من خلال التلقین، لإیمان الإمام الخامنئی، بأن الحقیقیة لا تلقن، بل لها طریق یمر عبر سؤال المعرفة لإدراکها بالبحث والإجهاد والعلم والمعرفة والتجربة العملیة، وسؤال المعرفة هو الأساس الذی تقوم علیه الفلسفة النبویة أو علم القلوب الذی وضع مبادئه الإمام علی علیه السلام.. هذا هو منهج مدرسة آل البیت الإیمانی والعقلانی الذی یحث المسلم على عدم التسلیم بشیء إلا إذا کان مقتنعا قناعة تامة بصحته، لیکون موقفه ثابتا کالصخر لا تهزه ریاه الدجل والتضلیل.. حینها، وحینها فقط یسمو الإسلام من مستوى الإیمان إلى مستوى الإحسان الذی هو أرفع درجة فی الإسلام لا یبلغه إلا رجال الله الواصلین.. وواضح أن هذا المنهج الذی یشتغل على هم المعرفة لاکتشاف الحقیقة، لأن الحقیقة تحرر الناس، هو الطریق القویم الذی یحرر العقل والروح ویخرج الباحث عن الحقیقة من مزرعة القطیع بلغة الراعی والخراف إلى مستوى الإنسان الحر الکریم والمنتج کما أراده الله أن یکون.. أقول، أن هذا المنهج یخیف کهنة الأزهر ومن هم على شاکلتهم فی العالم العربی الیوم، لأنه یخاطب العقول والقلوب تماما کما یخاطبها الله تعالى ویحثها على تدبر الحقیقة فی الخطاب القرآنی بقوله (أفلا یتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)، وهذا ما لا یرضی فقهاء السلطان الذین یفضلون أسلوب التلقین من خلال ترهیب الناس وتخویفهم مرة من عذاب القبر والثعبان الأقرع، ومرات من عذاب النار وخلافه، فی حین أن رحمة الله شملت کل شیئ دون استثناء.. وبالتالی، فتخویف الناس من خطر الشیعة هو فی حقیقة الأمر محاولة بئیسة وخبیثة لمحاربة العلم ورفض سؤال المعرفة بحثا عن الحقیقة ما دامت الحقیقة تحرر العقول والقلوب، وفی حال حصل هذا الأمر، فستخرج الأمة من ظلام الجهل إلى عالم الأنوار، وسیتحول الأزهر إلى سوق بلا زبائن فتبور بضاعة کهنته ولن یجدوا لها بعد ذلک طالبا.. وهذا ما حدث للکنیسة فی عصور الظلام، وهو ما سیحدث قطعا للأزهر ولو بعد حین، إذا هو لم یراجع مناهجه، ویبدل خطابه، ویتقی الله فی عباده، ویعمل على الجمع بدل التفرقة، وینأى بنفسه عن التماهی مع خطاب “داعش”، ویعلن الولاء لله ورسوله وللذین آمنوا من عباده، لا الولاء لـ’آل سعود’ وأسیادهم الیهود. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,756 |
||