الأزهــر.. مؤسسـة کهنوتیـة فی خدمـة الإقطـاع | ||
الأزهــر.. مؤسسـة کهنوتیـة فی خدمـة الإقطـاع خاص: بانوراما الشرق الوسط أحمد الشرقاوی ما الفرق بین مؤسسـة الأزهـر الیوم والکنیسـة الکاتولیکیـة فی العصـر الوسیـط؟.. لا فرق على الإطلاق إلا من حیث انعکاس الصورة.. فکما اتسم العصر الوسیط فی أوروبا بتشجیع الکنیسة للجهل، والعنصریة، وتجریم التفکیر لیسود الظلام خدمة للإقطاع، ها هو العالم العربی یعیش الیوم نفس الواقع المزری من دون أمل فی التغییر، بفضل مؤسسة الأزهر التی فرضت نفسها بالکهنوت کحارس على عقیدة المسلمین من غیر وجه حق.. والسبب الیوم لا یختلف عن سبب الأمس، بل یزید عنه تطرفا وغلوا، خصوصا عندما نرى رجال دین فی الأزهر یسخرون منظومته التربویة والدعویة لخدمة الإقطاع العربی والصهیونیة العالمیة معا، ویعملون من أجل التفریق بین أبناء الأمة الواحدة بالدجل والتضلیل، فیکفرون الشیعة ویصفونهم بالروافض والمجوس، ویعتبرون الحوار مع الیهود واجب، فی حین یرفضون الحوار للتقریب بین المذاهب، لأنه وفق رأیهم عبث ومضیعة للوقت.. صحیح أن الجهل والتخلف لیس قدرا، بدلیل أن المسلمین فی العصر الوسیط کانوا یعیشون فی الأندلس أبهى عصور النهضة بما أنتجوه من ثراء فکری وعلمی وتقافی وأنموذج إنسانی حضاری راق فی التعایش والتسامح والمحبة والاحترام، أنار للغرب الطریق الصحیح نحو الحریة والانعتاق من العبودیة، وفتح أمام الشعوب الأوروبیة عصرا جدیدا من التقدم والأنوار المعرفیة التی شکلت نقلة نوعیة فی مسیرتها الحضاریة، حتى وصلت إلى ما هی علیه الیوم من ازدهار ورقی فی ما أصبح یعرف بعصر ما بعد الحداثة.. والدارس لتاریخ الفکر الإسلامی یعرف حق المعرفة أن ذلک کان بفضل العقل الفارسی المسلم الجبار الذی یحاربه الأزهر الیوم حتى لا تقوم للأمة قائمة وتعود لسابق عهدها المشرق الجمیل، نقول هذا، لأنه وباستثناء ابن خلدون وابن بطوطة، لم ینتج العرب عقولا من حجم عقول أهل فارس فی مختلف مجال العلوم والمعرفة، ولا نتحدث هنا عن الفقه الذی لیس له من العلم إلا التسمیة، وهذه حقیقة لا ینکرها إلا جاهل أو مکابر.. لکن من الصحیح أیضا، أنه وبسقوط الأندلس، بدأ المسلمون یتقهقرون نحو الظلام بقدر ما کان الغرب یتقدم نحو النور.. مصداقا لنظریة “الزیادة والنقصان” القرآنیة التی تفید أنه کلما تقدمت حضارة إلا وتراجعت أخرى، وهذه سنة الله فی الخلق التی لا تتبدل ولا تتغیر ولا تتحول، لأن الثابت الوحید فیها هو التقدم والتطور وفق ما یفرضه مجرى التاریخ، ومن یتخلف عن المسار قدره أن یعیش على هامش الحیاة بین الحفر عبئا على الحضارة.. وفی هذا الإطار، یؤکد درس التاریخ، أن أوروبا ما کان لها أن تخرج من عصر الظلمات إلى النور لولا ثورتها الشهیرة على الإقطاع والکنیسة معا، فدخلت بذلک الثورة الفرنسیة کتب التاریخ کأعظم ثورة إنسانیة فتحت مباشرة على عصر الأنوار المعرفیة وأرست قیم الحریة والإخاء والمساواة والعدالة الاجتماعیة، ممهدة بذلک لکل الثورات التی تلتها فی القرن التالی من أجل التحریر من العبودیة والاستغلال، فدخل العالم لأول مرة فی ما أصبح یعرف بعصر الشعوب.. ثم جاءت الثورة الإیرانیة المجیدة فی العصر الحدیث فی نسختها الإسلامیة التنویریة، لتحدث انقلابا فی الرؤیة والقناعة لدى المسلمین، وتؤکد لهم أن الطریق إلى التغییر یمر حتما عبر التحرر من الظلم والإقطاع والجهل، وأثبتت للمسلمین جمیعا أن التخلف لیس قدرا، وأن النهضة ممکنة حین تتوفر إرادة التغییر والعزیمة لسلوک دروب العلم والمعرفة.. وها هی إیران أصبحت فی بضع عقود قوة إقلیمیة عظیمة تنافس أرقى الحضارات الغربیة فی کل مجالات العلوم والتکنولوجیا، وبنت أنموذجا حضاریا إسلامیا راقیا بأسس قرآنیة ومبادئ أخلاقیة محمدیة أصیلة، وفتحت ذراعیها للمسلمین جمیعا من أجل الوحدة والتعاون والتضامن والتکامل لما فی خیر الأمة حاضرا ومستقبلا، تنفیذا لرؤیة الرسول الأعظم صلى الله علیه وآله الذی أسس النواة الأولى لأمة قویة عظیمة وصفها الله تعالى بأنها کانت أحسن أمة أخرجت للناس.. لمـاذا یحـارب شیـخ الأزهـر المؤمنیـن الشیعـة؟.. مناسبة هذا الکلام هو ما تفتقت به قریحة شیخ الأزهر ‘أحمد الطیبی’، فی تصریح أدلى به الأسبوع الماضی من دون مناسبة، یحذر السلطات فی المحروسة من “مخطط مشبوه لنشر التشیع فی مصر”، وکأن شیخ الأزهر یدیر مؤسسة للمخابرات الخارجیة لا مؤسسة دینیة تدعو للوحدة والاعتدال والوسطیة کما یزعم خطابها.. والحقیقة، أننی ما قرأت تصریح شیخ الأزهر هذا، والذی تناقلته عدید الوسائل الإعلامیة، حتى استذکرت قول الله عز وجل حین یقول: (یا أیها الذین امنوا إن جاءکم فاسق بنبإ فتبینوا أن تصیبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمین) الحجرات: 6.. و”النبـأ” الوارد فی سیاق الآیة جاء بمعنى الخبر العظیم الشأن، لأنه لا یمس شخصا أو جماعة، بل طائفة من عشرات بل مئات ملایین المؤمنین، لما یمکن أن یکون له من وقع وتأثیر خبیث فی عقول البسطاء من الناس الذین لا یستطیعون تبیان صحة الادعاء من عدمه بالبحث العقلانی للوقوف على حقیقته، فیصیبوا إخوانهم المسلمین بجهالة یندمون علیها یوم لقاء ربهم، لأن خطورة الأمر تتمثل فی أن النبأ الکاذب یمس الأمن الروحی للمسلمین والاستقرار الاجتماعی الإنسانی لما یمکن أن یترب عنه من عواقب خطیرة تدخل فی إطار مشروع الفتنة التی یعمل على إشعالها خدمة لأهداف خبیثة معلومة، فلعنة الله على کل من ساهم فی إیقاظها، لأن الفتنة أشد من القتل کما یؤکد تعالى. وإلا، ما مصلحة شیخ الأزهر فی إثارة الفتنة بین مکونات الأمة فی هذا الظرف الحساس الذی تمر فیه الأمة بأخطر مرحلة من مراحلها التاریخیة فی معرکة الوجود والمصیر ضد قوى الشر الذی تتربص بها وتهدد بإسقاط دولها وتفتیت جیوشها وتمزیق مجتمعاتها وإعادتها إلى عصر القبائل الجاهلیة المتناحرة؟.. وما مصلحة کهنة هذه المؤسسة الرجعیة بتکفیر الشیعة مثلا واعتبارهم أضل على المسلمین من الیهود والنصارى، والله تعالى یقول إنما المؤمنون إخوة، ویؤکد فی کتابه الحکیم حقیقة قرآنیة نهائیة مفادها، أنک لتجدن أشد الناس عداوة للذین آمنوا الیهود والذین أشرکوا؟.. وبالتالی، فکل من یکن العداوة للمسلمین ویحرض علیهم یخدم حکما المشروع الصهیونی فی المنطقة.. ولماذا لا نسمع للأزهر احتجاجا على سیاحة الصهاینة المجرمین إلى منتجعات مصر مثلا، فی حین نراهم یقیمون الدنیا ولا یقعدونها ضد السیاحة الدینیة للإیرانیین إرضاءا لغلاة السلفیین التکفیریین وأسیادهم الوهابیین؟.. هذا علما أن الإیرانیین الذین یرغبون فی الحج بالملایین للمحروسة سیساهمون فی تنشیط الاقتصاد المصری المأزوم.. ثم، ما مصلحة شیخ الأزهر فی تخویف السنة من إخوانهم فی الدین والخلق من الطائفة الشیعیة الکریمة، وهو یعلم علم الیقین أن التشیع لا ینشر بالدعوة کما هو الحال مع ثقافة النقل عن المأثور التی تمیز نهج أهل السنة والجماعة، لأن التشیع فکر ومدرسة فلسفیة وتجربة عرفانیة قبل أن یکون مذهب، یکتسب بالعلم والمعرفة والفهم عن طریق العقل والقلب، وهذا أمر لیس بمتاح لکل من هب ودب وتربى على الإملاء والتلقین وتکفیر التفکیر.. ومتى کان الإیمان مشروطا بإلغاء العقل، ولماذا یحرم الأزهر الفلسفة التی هی المدخل الطبیعی لسؤال المعرفة؟.. ومتى کانت العلاقة بین العبد وربه فی الإسلام تمر عبر وسطاء نصبوا أنفسهم حراسا للعقیدة وأوهموا الناس أن بیدهم مفاتیح الجنة والنار؟.. معضلة شیخ الأزهر، أنه لم یجد من دلیل لیبرر به ادعائه المغرض هذا ضد الشیعة، والذی یبدو أنه مسخر لخدمة أسیاده ‘آل سعود’ کما عاهدناه من قبل فی مناسبات کثیرة، خصوصا مواقفه المشینة من الحشد الشعبی فی العراق، والذی قبض أجره 3 ملایین دولار عدا ونقدا من “السعودیة” وفق ما کشفته المخابرات الإیرانیة فی حینه.. أقول، معضلة هذا الشیخ المدعی أنه لم یجد من مبرر للتحذیر من الشیعة هذه المرة غیر القول، أن نشر التشیع فی مصر یتم من مدخل الإدعاء أن “أبی بکر اغتصب الخلافة عن طریق المؤامرة”.. وهذه هرطقة سیاسیة لا علاقة لها بالدین من قریب أو بعید، لأن خلافة أبی بکر لیست من ثوابت الدین ولا أصل لها من القرآن ولا فصل لها من السنة، لأن الرسول صلى الله علیه وآله لم یوصی لأصحابه بخلافته، ولأن الله سبحانه هو الذی یصطفی رسله دون سواه، کما أن الرسول لم یترک للأمة نظام حکم یسمى الخلافة، وما کان له أن یفعل احتراما لإرادة الله الذی جعل الأمر شورى بین المسلمین کافة مثل الصلاة وفق ما تفید بذلک آیة الشورى القرآنیة، ولم یحصره بین أسیاد قریش على سنة نبلاء روما، وجعل الإمامة فی القرآن رمزا للولاء والوحدة.. وعلى هذا الأساس یحق لنا التساؤل، إن کانت معضلة الأمة الیوم وما تعیشه من جهل وفقر وظلام وتخلف سببه التشیع حتى یتم الترکیز على هذا البعد التاریخی الواهی لاستدعاء زمن الفتنة المقیت؟.. أم أن هدف شیخ الأزهر إثارة النعرة الطائفیة ضد الطائفة الشیعیة الکریمة التی تمثل أقل من 1 % من سکان مصر؟.. فی حین أن العقیدة الوهابیة تم لها التمکین فی المحروسة بفضل المال الحرام وشیوخ الجهل والضلال، للعمل على تمزیق الأمة وخلق ظروف الفتنة بین أبنائها، وبین المسلمین والمسیحیین.. ألا إن الفتنة نائمة فلعن الله کل من یعمل على إیقاظها.. اتقوا الله فی أمتکم یا من تدعون العلم والورع والتقوى، وتزعمون أنکم ورثة الأنبیاء والأنبیاء من أقوالکم ومواقفکم وأفعالکم براء، ولا تشتروا بکلام الله ثمنا قلیلا.. وتحضروا لما ستقولونه لربکم یوم القیامة حین یسألکم لماذا فرقتم بین الناس فی الدین من بعد أن جاءکم العلم بینات من النور والهدى فی محکم کتابه الکریم؟.. ألا یکفیکم ما أصدرتموه من فتاوى الجهل والنفاق فی حق الأمة، وما اتخذتموه من مواقف مشینة فی حق الشعوب المستضعفة فی العراق وسوریة والیمن نصرة للطغاة الظلمة والمجرمین الفجرة؟.. ولماذا اختزلتم الدین فی الشریعة، وحولتم الإسلام إلى کهنوت، ونزعتم عنه المحبة والجمال، وجعلتم الله الرحمن الرحیم جبار منتقم، یستمتع بعذاب الناس ویتلذذ بآلامهم؟.. أم أن شرط الهیمنة على القطیع تقتضی زرع الخوف فی قلوب الناس ومشاهد العذاب فی عقولهم من خلال العزف على وتــر الغیب ما بعد الموت، والله یقول أن رحمته سبقت غضبه فشملت کل شیء دون استثناء؟.. وإذا کان شیخ الأزهر مصر على المضی فی جهله وغیه بالتحریض ضد طائفة من المسلمین المسالمین الذین لم یعتدوا على بلد عربی أبدا، ولم یتحولوا إلى إرهابیین یفسدون فی الأرض کما هو حال “داعش” وأخواتها بالمطلق، والتی یرفض شیخ الأزهر تکفیرها ضدا فی وصیة الرسول الکریم صلى الله علیه وآله فی حجة الوداع التی نصف فیها المسلمین بأن لا یتحولوا من بعده إلى کفار یضرب بعضهم رقاب بعض.. فإننا ندعوه بالمناسبة لیستحضر الحدیث الشریف الذی رواه الترمذی فی صحیحه عن أبی هریرة عن رسول الله تحت الرقم 3.261 حیث جاء فیه: (تلا رسول الله هذه الآیة: وإن تتولوا یستبدل قوما غیرکم ثم لا یکونوا أمثالکم . قالوا: ومن یستبدل بنا؟. قال: فضرب رسول الله – صلى الله علیه وآله وسلم – على منکب سلمان الفارسی ثم قال: هذا وقومه، هذا وقومه. ثم قال: والذی نفسی بیده لو کان الإیمان منوطا بالثریا لتناوله رجال من فارس).. وبالتالی، فما بعد الحق إلا الباطل، وما بعد الهدى إلا الضلال، ونحن نعیش الیوم بین یدی الساعة الهرج والمرج والکذب والنفاق والتحریض على القتل، قتل المسلمین بعضهم بعضا بعد أن نجح فقهاء الجهل والضلال من أمثال شیخ الأزهر وأزلامه فی إلغاء عقول الناس، واللعب بعواطفهم، حیث سوقوا لهم الطریق إلى الجنة معبدا بالدم والأشلاء والخراب.. ولا یبدو أن أمام العرب مخرجا من هذه الکارثة الکبرى والسقوط العظیم، غیر إعلان الثورة ضد الإقطاع ورجال الدین المنافقین.. من هنا یبدأ التغییر، وهذا هو الطریق الوحید لتحریر العقل والإرادة.. هذا ما تقوله سنن التاریخ لمن أراد النجاة فی الدنیا والخلاص فی الآخرة.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 663 |
||