ثورة الفتیان والجدل العقیم | ||
فاطمة طفیلی یمر الزمن سریعا وتطوی سنواته الکثیر من الأحداث، تتغیر الوجوه وتتعاقب الأجیال، وجرح فلسطین قائم لا یقوى علیه النسیان، کیف لا وفی الذاکرة البعیدة والقریبة على السواء حکایا وقصص صاغها الفلسطینیون بأرواحم ودمائهم عن تضحیات وبطولات سطرتها الآلاف المؤلفة من الشهداء المرتفعین وأؤلئک الأحیاء الصامدین الذیم لم ییأسوا مما لحق بقضیتهم من تآمر وعسف وتمییز ومحاولات تصفیة متکررة بالترویج لمشاریع تسویات تساقطت تباعا بقوة جذریة التناقض مع الغزوة الصهیونیة وبفعل موجات متعاقبة من الانتفاضات وحرکات المقاومة التی خضها الشعب الفلسطینی داخل الأرض الفلسطینیة المحتلة وخارجها. کلما ظن العالم أو توهم أن هذا الشعب استکان ورضخ للغزاة والمستعمرین وجدناه ینهض ویثور مجددا ویتناقل الشعلة جیلا وراء جیل داخل الوطن المحتل وفی مخیمات الشتات البائسة. نعیش الیوم فی ظل انتفاضة ینبری من صفوفها جیل جدید لحمل رایة القضیة التی لا تموت .. جیل نفض الأوهام التی ارخت بثقلها على العقل الفلسطینی منذ ما یزید على ثلاثین عاما تحت عنوان الحل السلمی مع الکیان الصهیونی وتمرد على جمیع القیادات المتعاقبة فی المنظمات والفصائل . یسکن الرعب مواقع القرار والتخطیط الصهیونیة امام تحرک فتیان وفتیات لقیادة التظاهرات وتنفیذ العملیات وبذل الأرواح فی سبیل فلسطین ومن غیر أن تکون فی ملفات المخابرات الصهیونیة معلومات أو أسماء للأبطال الجدد الذین یستخدمون الدهس والطعن بلا رصاص فی مقاومة المستعمرین وجیش الاحتلال وهکذا وقفت آلة صهیون المدججة بالتکنولوجیا الحدیثة عاجزة ووقف الرأی العام العربی مذهولا وصامتا بعدما جرى شد انتباهه إلى کوارث شتى بعیدا عن فلسطین. یجادل العدید من النخب السیاسیة والإعلامیة الفلسطینیة فی تسمیة ما یجری ویدور نقاش عقیم عن التوصیف هل هی هبة ام انتفاضة .. الفتیات والفتیان لا یأبهون لمن یضیعون الوقت بحثا عن جنس الملائکة وهم یواصلون التحرک وتسدید الدهسات والطعنات حیث یستطیعون الوصول إلى العدو فی قلب فلسطین وفی الضفة الغربیة وقد حسموا النقاش على أرض الواقع فمن الغبی الذی ینکر على الهبات الشجاعة والمتواصلة بلا انقطاع صفة الانتفاضة ومن یستطیع ان ینزع عن بطولات الشباب الفلسطینی صفة الثورة والمقاومة . بدمائهم یکتبون الصفحة الجدیدة ومن غیر بطاقات انتساب ومن دون اوامر الکبار الذین خاضوا انتفاضاتهم برهانات سیاسیة اوقفتها وخاب الرهان علیها غیر مرة فلا دویلة اوسلو تستحق التضحیة وهی تحت وصایة المحتلین ولا دویلة غزة کیان یتسع للقضیة رغم انها تحررت بالقوة وانغلقت تحت قید الانقسامات والارتباط بحکومات إقلیمیة لا ترید فلسطین حرة ولها ألف حساب مع رعاة الصهیونیة فی الغرب ولا وهم المواطنة فی صهیون یستحق التکیف ... خلع الفلسطینیون بأعمارهم الطریة وهم الدولتین المزعوم وفجروا ثورة جدیدة بدماء فتیات وفتیان بإرادة المقاومة والانتفاضة ... تسلحوا بحلم المفتاح العتیق للبیوت المسلوبة فی یافا والجلیل والقرى المحکومة بالهدم فی النقب والکرامات المسفوکة فی قلب المسجد الأقصى وکنیسة القیامة وکل رقعة فلسطینیة فی قلب المناطق المحتلة أم فی مخیمات الشتات المذلة . ربما لیس بینهم من یملک القدرة على صیاغة الشعارات والنظریات لکنهم رسموا فلسطین بدمائهم وحکموا بأن جیلهم منذور لعهد التحریر فی مقاومة جدیدة على کهول المنظمات ان یرعوها ویلتحقوا بمسارها وألا یتلفوها بالفذلکة . مؤلم ان یتحول التضامن مع الثوار الفلسطینیین الجدد إلى کرنفال شکلی بلا روح وبعیدا عن أی جهد جدی یقدم مساندة فعلیة لجیل نفض الغبار والعفن عن فکرة التحریر وابتکر ادوات بسیطة للنضال وأربک العدو حتى الشلل بینما الأجیال التی سبقته أنست لحراسة المستودعات المکدسة بالسلاح والمغلقة بأختام الخیبة والعجز .
الشرق الجدید | ||
الإحصائيات مشاهدة: 706 |
||