انقسامات عمیقة وسط الطبقة البریطانیة الحاکمة

میشیل منیر

مرة أخرى تم کبح خطط الحکومة البریطانیة لقصف سوریة، لأن دیفید کامیرون لا یستطیع الحصول على الدعم الکافی فی البرلمان  من أجل تدخل عسکری بریطانی جدید فی الشرق الأوسط، إن حفنة المرتدین البلیریین فی حزب العمال البرلمانی قد فاقها وزناً إلى حد کبیر متمردو المحافظین والعمالیون وبقیة المعارضین، ومن ضمنهم قومیو اسکوتلندا وویلز والدیمقراطیون اللیبرالیون الذین عارضوا عموماً خطط کامیرون.
خسرت حکومة کامیرون فی 3 آب 2013 تصویتاً فی مجلس العموم بشأن عمل عسکری محتمل من جانب بریطانیا ضد سوریة وکانت نتیجة التصویت 285 صوتاً رفضوا ذلک مقابل 272 خسرت الحکومة لأن الزعیم العمالی إد میلیباند اتّخذ موقفاً مبدئیاً بمعارضة إرسال القوة الجویة الملکیة إلى القتال کجزء من ضربات تقودها الولایات المتحدة مدعوماً بعدد مهم من المتمردین المحافظین الذین امتنعوا عن التصویت أو صوّتوا مع المعارضة.

وفی وقت سابق من هذا الأسبوع حذّرت لجنة ذات نفوذ من أعضاء البرلمان الزعیم المحافظ بأنه لا ینبغی أن یضغط باتجاه ضربات جویة حتى یتمکن من إظهار أنه توجد هناک خطة واضحة لإلحاق الهزیمة بـ «داعش» وأعلنت لجنة الشؤون الخارجیة ذات الأغلبیة المحافظة قلقها بشأن مدى شرعیة أی تدخل عسکری بریطانی وقالت: إن رئیس الوزراء یجب أن یرکز بدلاً من ذلک على المشارکة فی الجهود لإنهاء الأزمة فی سوریة.
قال عضو اللجنة النائب المحافظ جون بارون: «لا نحتاج إلى نشر المزید من القوة نحتاج إلى تفکیر جدید فی مقاربة الغرب إزاء هذه الأزمة المستمرة منذ نحو خمس سنوات، والحکومة اقترحت تدخلاً عسکریاً» وأضاف: «ینبغی على الغرب الآن ترکیز جهوده على صیاغة خطة إقلیمیة لمحاربة التهدید الأکبر أی «داعش» وإلا فإننا نجازف بتظهیر العجز الاستراتیجی وأخطاء السیاسة الخارجیة نفسها کما فی العراق وأفغانستان ولیبیا».
کلمات تعکس بوضوح الانقسامات العمیقة ضمن الطبقة الحاکمة بشأن سوریة فی مقابل الأطلسیین المحافظین والبلیریین الأکثر جبناً الذین یعتقدون أن أفضل ما یخدم مصالح الإمبریالیة البریطانیة هو التنفیذ الدائم لأوامر الولایات المتحدة، توجد قطاعات أخرى من أصحاب السلطة قلقة من التورط فی هجوم ضار أمریکی آخر ضد العرب یمکن أن ینتهی فقط فی الفوضى التی أعقبت الغزو الذی قادته الولایات المتحدة ضد العراق ولیبیا.
قد تکون الانقسامات ضمن الطبقة الحاکمة فی بریطانیا أوقفت الاندفاع العسکری ضد سوریة الآن، ومع ذلک لا نستطیع أبداً الاعتماد على البرجوازیة للدفاع عن مصالحنا، فالعمال یعانون فی ظل نظام التقشف المکون من الاقتطاعات والبطالة والرکود الاقتصادی.
لذا یجب أن نطالب باقتطاعات کبیرة فی النفقات العسکریة وسحب جمیع القوات البریطانیة من الشرق الأوسط الذی عانى طویلاً من الظلم الصهیونی والعدوان الإمبریالی، کما یجب أن تتحول الموارد من الحروب فی الشرق الأوسط إلى استخدامها من أجل أغراض سلمیة ومدنیة وخلق أماکن عمل ستکون أکثر فائدة للشعب البریطانی.
إن المعونة الإنسانیة الحقیقیة، ولیس التدخلات العسکریة اللانهائیة بتکلفة کبیرة مالیاً وبشریاً، ستساعد بدرجة أکبر شعب سوریة، وکذلک التقدم الحقیقی نحو محادثات السلام الهادفة لإیجاد حلّ سیاسی للأزمة فی سوریة.
عبأت حرکة مناهضة الحرب الملایین من أجل السلم، وبعد انتصار جیریمی کوربین یحتاج حزب العمال، والحرکة العمالیة وحرکة السلم ککل، إلى إعادة تأکید نفسها بوقف أی اندفاع إلى حرب فی الشرق الأوسط.

تشرین