الإرهاب التکفیری.. من المشرق إلى المغرب العربی | ||
الإرهاب التکفیری.. من المشرق إلى المغرب العربی
تجول الجحافل التکفیریة بلاد العرب من مشرقها إلى مغربها، وبعدما انطلقت مذابحها من الجزائر فی سبعینات القرن الماضی بما عُرف بـ"العشریة السوداء" فی الجزائر، واجتاحت العراق وسوریة منذ خمس سنوات، واستقدمت التکفیریین من المغرب العربی، خصوصاً تونس والجزائر والمغرب، شباباً ونساء بما عرف "کتائب جهاد النکاح"، وقد قدّر البعض أن عدد المسلحین المهاجرین من المغرب العربی إلى سوریة والعراق تجاوز العشرة آلاف، عدا المهاجرین الأوروبیین من أصول مغاربیة. لیبیا تم استباحتها من قبل الناتو الذی فتح الحدود اللیبیة دخولاً وخروجاً، وأعطى التکفیریین على اختلاف أسمائهم حریة الحرکة، ومنحت "القاعدة" و"داعش" موطناً آمناً للإعداد والتدریب وتهریب السلاح فی کل الاتجاهات نحو الجزائر، وباتجاه تونس والمغرب، وأفریقیا عبر البحر، وغیرها، وترک لیبیا نافذة مفتوحة على المتوسط لإغراقها باللاجئین والمهاجرین غیر الشرعیین، والذین بدأت طلائعهم المسلحة تفجّر فی باریس، وتهدد بلجیکا، وتعلّق إلمانیا وباقی الدول. والسؤال الذی یفضح أمیرکا والناتو وترکیا والخلیج، ویکذبهم فی مسألة مکافحة الإرهاب التکفیری، والذین یضعون شرطاً لمکافحة التکفیر والإرهاب فی سوریة هو إسقاط الرئیس الأسد حتى تهدأ الحرب فی سوریة: لقد سقط القذافی وقتله "الناتو" بأید فرنسیة (مع الفارق الکبیر بین الرئیس الأسد والقذافی)، وسقطت لیبیا بأیدیکم وأتباعکم، ولیس لکم فیها منازع، ولا فتنة سُنیة - شیعیة، ولا فتنة طائفیة إسلامیة - مسیحیة، فلماذا لم تقم لیبیا من مذابحها؟ ولماذا لم تؤسَّس حکومة وبرلمان وجیش لیبی؟ ما زلتم تحرقون لیبیا وتجعلونها بؤرة للإرهاب المنتشر فی المغرب العربی، لإحراقه وإسقاطه وتفتیته، کما فعلتم بالمشرق العربی، فلماذا تترکونها موقدة لتمدد النار إلى أفریقیا عبر بوکوحرام، لإعادة استعمار أفریقیا وطرد الصین منها، ومصادرة استثماراتها؟ المغرب العربی وجهة الجحافل التکفیریة بأمر عملیات أمیرکی وغربی، وهناک بیئة حاضنة وولادة للتکفیر یتکامل فیها الجهل والأمیة والفقر والبطالة والتهمیش وقمع الأنظمة وفرنسة المجتمع وإعدام الهویة العربیة والإسلامیة، تتکامل کل هذه السلبیات لتجعل من الشباب المغاربی فی کل بلاده ضحایا المال الخلیجی والفکر الوهابی فیهاجر إلى الانتحار، طمعاً بالجنة الموعودة التی وعده بها مشایخ التکفیر، وحتى یتحرر من قیوده وحیاة الذل والقمع والفقر التی یعیش فیها. لقد تصدى علماء تونس للشیخ محمد بن عبد الوهاب عندما وجّه رسالة لهم لاعتناق رسالته "الوهابیة"، وتهدیدهم بالسیف، فأجابوه بکشف انحرافه وکذب ادعاءاته، وأنهم جاهزون لقتاله إذا جرّد سیفه، لکن "الوهابیة" تعود إلى تونس وتنحر شبابها، وتحرّف دینها، وتشیع فیها الخراب عبر بعض المشایخ الذین درسوا فی مساجد الوهابیة فی السعودیة وغیرها. لا یمکن مقاومة التکفیر فی المغرب العربی بالقمع أو العملیات الأمنیة، بل بنشر الوعی ومکافحة الأمیة والفقر، وإنماء الریف والمناطق المحرومة، ومنع أبواب "الوهابیة"، ومراقبة المال الخلیجی الذی یشکّل صنارة لاصطیاد الشباب الضحایا. المغرب العربی على شفیر الاحتراق بنار التکفیر، وبدأت إرهاصاته فی تونس بشکل متسارع، ومادامت لیبیا خارج دائرة النظام والسلطة والأمن فستکون "وکر الدبابیر التکفیریة"، الذی یلسع جیرانه الآخرین والأبعدین، ویصیب المغرب العربی بالتدمیر الذی سیفاقم أزماته المعیشیة والاقتصادیة والاجتماعیة.. مع دعائنا لأهلنا فی المغرب العربی بالانتصار لدینهم على التکفیریین ورعاتهم. د. نسیب حطیط الثبات | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,682 |
||