اقتصاد الحرب السوریة الأسود: نجلا أردوغان ونتنیاهو ونفط «داعش» | ||
اقتصاد الحرب السوریة الأسود: نجلا أردوغان ونتنیاهو ونفط «داعش» ناصر قندیل - فی کلّ الحروب ینشأ ما یعرفه الباحثون والمتابعون باقتصاد الحرب الأسود، وتتشکّل مافیات تحظى بتسهیلات من الدول المعنیة بالحدود أو بالنفوذ، ولا تبدأ الخطوات الجدّیّة لوقف الحروب إلا عندما یبدأ إقفال طرق سیر هذه المافیات وتقلیم أظافرها، وأحیاناً بمساومتها على أثمان سیاسیة تعادل تخلّیها عن العائدات المجزیة التی تتحقق من الاقتصاد الأسود، وفی الحرب السوریة لا یُخفى على أحد أنّ فرصاً ذهبیة توفّرت لتجار الحروب، خصوصاً مع کمیة الحقد الذی تختزنه ضدّ سوریة أکبر دولتین عربیتین ملیئتین مالیاً هما السعودیة وقطر، وأقلّ الدول کفاءة فی العمل السیاسی، وأضعفها على ممارسة العمل التنفیذی العسکری والأمنی المباشر، فالحاجة للوکلاء هنا ضرورة حیویة تدفع مقابلها الأموال الطائلة تحت مسمّیات رعایة المعارضة وتنظیمها وتنفیذ الأعمال الأمنیة والاغتیالات أو تحت عناوین شراء السلاح وتخزینه، وکلّ متابع سیجد بوضوح بصمة ترکیة وأخرى «إسرائیلیة»، کیفما أشاح بصره. - سوق النفط المنهوب من قبل «داعش» هو أحد الروافد الجانبیة للمکاسب المالیة فی الاقتصاد الأسود، ومثله سوق تجارة المصانع المنهوبة فی حلب وتجارة الأعضاء البشریة، وفی ترکیا خبرات ومهارات وتجهیزات وبنى تحتیة جاهزة لکلّ ذلک، وفی «إسرائیل» خبرات ومهارات وعلاقات بأسواق تنتظر الطلب الترکی، والأمر هنا لیس وجود اختراقات، ولا حدود تعانی صعوبة الضبط، بل هو سیاسة وقرار، ولذلک لم یکن عبثاً أن وضع الروس نصب أعینهم فی إطار استراتیجیتهم لإنهاء الحرب فی سوریة وقف الاقتصاد الأسود للحرب، وأن یرکزوا على روافد هذا الاقتصاد، وأن یحملوا مع العصا التی تقصف قوافل النفط المهرّب الجزرة التی تدعو ترکیا للوقوف على ضفة الشراکة فی الحلول. - یبدو مهماً هنا التوقف أمام ما نشرته صحیفة «زمان» الترکیة نقلاً عن وزیر الخارجیة الترکی الأسبق یشار یاقیش من أنّ «النفط الخام المنتج فی سوریة عن طریق تنظیم «داعش» یُنقل إلى شمال العراق عن طریق ناقلات لیتمّ نقله فی ما بعد إلى بلدة «زاخو» المجاورة للحدود الترکیة التی تبعد بمسافة کیلومتر واحد شرق مدینة الموصل حیث تنتظر هناک ناقلات النفط التابعة للمهرّبین العراقیین والسوریین»، لافتاً إلى أنّ «ناقلات النفط تتغیّر مع الاقتراب من الحدود الترکیة وأنه بعد تفریغها تعود الشاحنات إلى المنطقة لتعبئتها من جدید، حیث یتسلّم حراس الحدود وعصابات التهریب رشى ضخمة». - وأوضح یاقیش أنّ «نفط «داعش» یصل حدود ترکیا ومنها إلى بلدة «سیلوبی» فی محافظة «شرناق» جنوب شرق ترکیا عن طریق الوسطاء وعلى رأسهم شخص ملقب باسم «الدکتور فرید» الذی یبلغ من العمر 50 عاماً ویحمل جوازَی سفر یونانی و«إسرائیلی»، حیث یقوم هذا الرجل بإرسال النفط الخام إلى میناء «أشدود» الإسرائیلی عبر میناء «جیهان» الترکی، وأشار إلى أنّ «داعش» ینتج نحو 30 ألف برمیل یومیاً من النفط الخام، ویربح فی البرمیل الواحد من 15 إلى 18 دولاراً، ثم تبیعه «إسرائیل» بسعر یتراوح بین 30 إلى 35 دولاراً لدول البحر المتوسط. - کلام یکفی للقول باستحالة أن یتمّ کلّ ذلک وبصورة یومیة ومنتظمة، خلال عام ونصف العام، وأن یکون طول المسار اللازم من نقطة الانطلاق بین الشحن الأول ونقطة الوصول أکثر من ألفَی کیلومتر براً وبحراً، دون شراکة الحکومتین والمخابرات الترکیة و«الإسرائیلیة»، کما یکفی لفهم أحد أسباب اهتمام رجب أردوغان وبنیامین نتنیاهو بتوفیر الحمایة لخط ینتج لنجلَیْهما قرابة النصف ملیون دولار یومیاً، وأن یحرصا على الاتصال شخصیاً بالرئیس الروسی للاطلاع على خططه فی الحرب فی سوریة، تحت عنوان تنسیق خطوط حرکة الطیران، واستعمال ذریعة المجال الجوی والمهام الجویة لحمایة مصدر رزق الأولاد… هکذا هی الحروب وهذه هی بعض مفاتیحها التی تبدأ فی قلب السیاسة وعندما تموت السیاسة وتفشل وتصیر الحرب عبثیة بلا أهداف قابلة للتحقیق، تصیر أقوى منها وأشدّ تأثیراً، وقد عرفنا الکثیر مثلها فی لبنان. (البناء)
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,162 |
||