من خطـط لعملیـات باریـس کـان یمهـد لإسقـاط الأسـد | ||
من خطـط لعملیـات باریـس کـان یمهـد لإسقـاط الأسـد
خاص: بانوراما الشرق الأوسط
فشلت عملیات باریس.. شیئ ما تشوش، قطبة مخفیة عاقت دون حدوث الکارثة التی کانت تنتظرها بفارغ الصبر “إسرائیل” و”السعودیة” وقطر وترکیا، وأجهزة مخابرات أطلسیة أخرى على رأسها المخابرات الأمریکیة والبریطانیة والفرنسیة والألمانیة.. کل شیء کان مخطط له بدقة لتأخذ “عملیات أوروبا” ولیس باریس فقط، أبعادا کارثیة تفوق بحجمها وفظاعتها 11 أیلول الأمریکیة، الأمر الذی کان سیدفع بأمریکا والحلف الأطلسی لإعلان الحرب العالمیة على “داعش” فی سوریة والعراق کذریعة لإسقاط الأسد وتقسیم سوریة والعراق بحکم الأمر الواقع بعد فرض وصایة دولیة علیهما باعتبارهما بلدان فاشلان فقدا السیطرة على أراضیهما، ما ینزع عنهما ذریعة “السیـادة”، تماما کما حدث فی یوغوسلافیا السابقة.. الحرب فی حقیقة الأمر لا علاقة لها بـ”داعش”، لأن هذا التنظیم هو مجرد ضباب سیتبخر فی ظرف شهرین حین تقرر الإدارة الأمریکیة ذلک، لکن من غیر الوارد أن تفعل دون ثمن، والثمن یعرفه الجمیع “محاربة داعش مقابل تنحی الأسد”، وما دامت روسیا وإیران یرفضان المساومة فلا حل لمعضلة سوریة والعراق سوى بالعمل العسکری المموه تحت غطاء “دعم المعارضة المعتدلة” وهی استراتیجیة أصبحت مکشوفة هدفها استنزاف روسیا وإیران وتدمیر سوریة حتى لو تطلب الأمر خمس سنوات أخرى ما دام الإرهاب هو الذی یقوم بالعمل الوسخ نیابة عن إمبراطوریة روما الجدیدة، وما دامت الأدوات کـ”السعودیة” وقطر هما من یمولان الحرب فیما تقوم ترکیا بالواجب أحسن قیام.. لأن الحرب فی جوهرها هی من أجل السیطرة على “الشرق الأوسط” من البوابة السوریة والعراقیة، من یکسبها یظفر بالمنطقة ویحاصر إیران وروسیا والصین فی جغرافیتهم الضیقة، ومن یخسرها ینسحب من المنطقة ویسلم مفاتیحها للأقطاب الجدیدة الصاعدة (روسیا وإیران والصین)، هذه هی اللعبة بالمختصر المفید. ودخول الروسی الحرب على الإرهاب کان أمرا مقلقا جدا لـ”السعودیة” و”إسرائیل” وقطر وترکیا، وبالتالی، لا سبیل للاستسلام ما داموا یعتقدون أنهم قادرین على إفشال روسیا وإسقاط الأسد، لکن دون التعویل على تدخل عسکری أمریکی هذه المرة، لذلک، یجب جر أرجل الحلف الأطلسی لیقوم بالمهمة القذرة، وفی حال نجحت الخطة، فأمریکا ستدعم من خلف کما حدث فی لیبیا بقرار من مجلس الأمن تم تحویره.. هذه هی الرؤیة الإستراتیجیة التی أوکلت لـ”السعودیة” باعتبارها رأس الحربة فی الحرب على سوریة، فخرج محللها الإستراتیجی الأول (Number 1) جمال خاشقجی لیبشر العرب بأن مشیخته “من المستحیل أن تترک سوریة للإیرانیین یسیطرون علیها”، معتبرا أن “التدخل العسکری فی سوریا أمر صعب للمملکة ولترکیا ولقطر، وذلک لتحاشی الصدام مع الروس، لکن یمکن منع سیطرة إیران وروسیا على سوریا من خلال دعم الفصائل المسلحة بسلاح نوعی، وهذا ما تفعله المملکة الیوم”.. والسلاح النوعی الذی یتحدث عنه خاشقجی لا یتعلق بصواریخ أرض جو المحمولة على الکتف کما یفهم من ظاهر الکلام، بل الأمر یتعلق بسلاح من نوع آخر یتمثل فی التحالف الإستراتیجی مع ترکیا باعتباره “حتمیة تاریخیة وأمر واجب الحصول” وفق “القراءة القطریة الصحیحة للتاریخ” على حدّ قوله. وهذا یعنی بالمرموز جر رجل الحلف الأطلسی إلى سوریة من البوابة الترکیة.. لکن کیف؟.. هنا تأتی الحاجة لدور “الجوکر”، أی الحلیف “الإسرائیلی” الإستراتیجی الذی یلعب من وراء الستار بخبث وذکاء، ویعرف ما الذی یجب فعله وکیف ومتى، وله القدرة على إدارة العملیات الإجرامیة الوسخة فی کل أنحاء العالم لحساب أمریکا والحلف الأطلسی، والتأثیر على دوائر القرار وعلى إمبراطوریات الإعلام أیضا، وهو مهما حصل منزه عن المساءلة ومعصوم من المحاسبة، لأن هذا بالتحدید هو الدور النتن الذی أصبح یلعبه الکیان الصهیونی المجرم بعد أن فقد القدرة على تغییر المعادلات بالقوة العسکریة فی المنطقة، وهو للإشارة، نفس الدور الذی لعبه إبان الحرب الباردة لحساب واشنطن. مباشرة بعد فشل عملیات باریس، اجتمع رئیس الوزراء البریطانی دیفید کامرون والمستشارة الألمانیة أنجیلا میرکل بمشارکة هیئات الحرب لدیهما، الإجراء فی حد ذاته لیس عادیا بالمرة، لکن الصورة تتضح أکثر حین تطالعنا صحیفة “یدیعوت أحرونوت” أول أمس الجمعة بتقریر لافت یتحدث عن اجتماع استثنائی حدث الإثنین الماضی بین وزیر الدفاع موشیه یعلون وسفراء دول الناتو فی تل أبیب (الفرنسی، البریطانی، الأمریکی وممثل السفارة الترکیة الذی حضر اللقاء أیضا). و وفق ما تسرب من معلومات، تحدث یعلون مع سفراء “الناتو” حول ضرورة الوضوح الأخلاقی، وطلب منهم الکف عن الخوف من قول الکلمات کما یجب أن تقال: “الإسلام السیاسی” و”الإسلام الجهادی” بصوت عالٍ.. لأن القضیة کما أکد لهم لیست مشکلة اجتماعیة، بل “حرب حضارات”، و “الجهاد الإسلامی” وفق ما قال “أعلن الحرب ضدنا جمیعا”، لأنه وباستثناء “داعش” هناک أیضا “الإخوان المسلمین” وغیرهم “الذین یریدون سیطرة دینهم على کل العالم”، وفق تعبیره.. هی الحرب على “الإسلام” إذن کما خططت لها “إسرائیل” و”السعودیة” وقطر وترکیا ورؤوس “الناتو الکبیرة (أمریکا وفرنسا وبریطانیا)، ولعل القارئ الکریم یذکر أننا رکزنا على هذا الجانب بالتحلیل، فی مقالة بانوراما الشرق الأوسط بعنوان (ما الفرق بین “داعش” الفرنسیة وفرنسا الداعشیة) حیث قلنا بالحرف ما یلی: (لأن وصف الإرهاب بـ”الإسلامی” لیس الغرض منه وصم المسلم بالعنف والتطرف فحسب، بل للقضیة أهداف خبیثة أبعد من ذلک بکثیر، هدفها تدمیر الإسلام کعقیدة روحیة نقیة من خلال القول، أن معضلة المسلمین تکمن فی دینهم عموما وقرآنهم تحدیدا، لأنه یحرض على الکراهیة والقتل.. وهذا ما عملت وتعمل علیه الأداة “السعودیة” بتفان وإخلاص خدمة للمشروع الصهیو – أطلسی الکبیر، بهدف هدم الإسلام من قواعده مخافة أن یصبح العقیدة الروحیة الأکثر انتشارا فی العالم، ما یهدد الأسس التی یقوم علیها النظام اللیبرالی المتوحش الذی تدیره مجمعات بیوت المال والصناعات الحربیة والشرکات العابرة للقارات، بعد أن نجحوا فی تحویل حکام الغرب إلى مجرد موظفین تنفیذیین فی خدمة سیاساتهم الجشعة، والرئیس أوباما لیس استثناءا فی هذا الإطار). صحیفة “یدیعوت أحرونوت” تقول فی ذات التقریر المشار إلیه أعلاه: “لیس واضحا بعد لماذا لم تخرج العملیة الکبیرة إلى حیز التنفیذ، ویمکن الاعتقاد أنه إذا انتشرت شبکة واسعة فی عدد من العواصم (الأوروبیة) فان شیئا قد تشوش”.. وهذا یعنی، أن کل الشروط قد توفرت بحیث تم توزیع الإرهابیین على عواصم غربیة عدیدة منها بلجیکا وبریطانیا وهولندا وإیطالیا وألمانیا وفق ما بدأ یتکشف من معلومات التحقیق، بل حتى نیویورک کانت مستهدفة أیضا، ووفر لـ”الجهادیین” السلاح واللوجستیک والخطط والأهداف والدعم الاستخباراتی الداخلی، لکن “شیئا ما حدث منعهم من التنفیذ فی بالتزامن”، حتى علمیات باریس لم تنفذ کما خطط لها، إذ “کان یفترض أن یفجر الانتحاریون أنفسهم داخل ملعب کرة القدم ولیس على الأبواب، لإحداث مجزرة یروح ضحیتها مئات الأبریاء”، کما تکشف الصحیفة، ما کان سیعطی للعملیة بعدا کارثیا غیر مسبوق فی تاریخ الإرهاب، وکان العالم سیصاب بالصدمة، وبالتالی، لا أحد کان سیشک فی تورط الرئیس هولاند ورئیس حکومته، لأنهم کانوا فی الملعب یتابعون المباراة مع الجمهور وهم مطمئنون إلى أن التفجیرات لن تطالهم فی مکان تواجدهم. و وفق هذا المخطط الجهنمی، لم یکن حلف الأشرار بحاجة لقرار من مجلس الأمن لتنفیذ خطته الخبیثة فی سوریة والعراق، فالقانون الدولی یعطی الحق للدول التی تتعرض لعدوان للدفاع عن نفسها وفق مقتضیات البند 51، وهی ذات المقاربة التی اعتمدتها الولایات المتحدة بعد أحداث 11 أیلول لغزو أفغانستان والعراق، کما أن للحلف الأطلسی الحق فی الدفاع عن أی دولة عضو فی منظومته تعرضت لعدوان خارجی.. لکن ماذا لو نجحت الخطة وضرب الإرهاب فی أکثر من عاصمة غربیة فی نفس الوقت؟.. کل الدول الأوروبیة کانت ستعلن التعبئة والنفیر العام للذهاب إلى الحرب، لأن العدو هذه المرة لیس المخابرات الأطلسیة والصهیونیة ومن یمولها ویدعمها کـ”السعودیة” وقطر، بل العدو بالنسبة للشعوب المغفلة هو “داعش” القادم من سوریة والعراق کما أکد الرئیس الفرنسی هولاند ورئیس الحکومة مانویل فالس قبل أن یبدأ التحقیق فی الکارثة، بل ذهب هولاند بعیدا حین أعلن قبل أن تبدأ العملیة الأمنیة لتحریر الرهائن بمسرح ‘کاتبلان’ أنه “یعرف من هاجموا فرنسا ومن أین جاؤوا”، ما أثار موجة من الشکوک ترجمت إلى مطالب ملحة بضرورة تغییر فرنسا لسیاساتها الخارجیة بدل مطاردة الساحرات والذهاب إلى حرب عبثیة ضد الضباب کما یسمون “داعش” فی الغرب.. وقد یکون من المفید العودة لما کشفه الإعلامی المقتدر الزمیل حسین مرتضى لقناة (إن بی إن) اللبنانیة الأسبوع الماضی، حول هویة منفذی اعتداء باریس وکیف دخلوا إلى فرنسا، حیث أشار إلى أن ثلاثة من الإرهابیین کانوا منضوین فی “جبهة النصرة”، وعولجوا فی مستشفیات الکیان المحتل، ودربوا لدیه قبل أن یتم إرسالهم إلى الشمال السوری حیث انضموا إلى “داعش” ومن ثم رحلوا إلى أوروبا عبر ترکیا، وهذا غیض من فیض، لأن المخابرات الفرنسیة نفسها لیست ببعیدة عن هذا المخطط الجهنمی، ومنخرطة حتى العظم فی تدریب وتسلیح وإدارة عملیات الإرهابیین، والتمییز بین القیادة السیاسیة والقیادة الأمنیة الفرنسیة هو من باب در الرماد فی العیون کی لا یکتشف المواطنون اللعبة فتنهار الدولة، تماما کما حدث فی 11 أیلول الأمریکیة، وکان الرئیس بوتین قد هدد بمناسبة أحداث أوکرانیا بفضح من یقفون وراء تفجیرات نیویورک، لکنه لم یفعل حتى الآن. لذلک قلنا من على موقع بانوراما الشرق الوسط فی المقالة المشار إلیها أعلاه، أنه “علینا قراءة هجمات باریس الأخیرة، والتی لا تختلف فی أهدافها عن أهداف هجمات 11 آذار 2004 بمدرید، والتی هی بدورها لا تختلف فی شیئ عن أهداف هجمات 11 أیلول 2001 فی نیویورک، لجهة توظیف الرعب للتأثیر فی الرأی العام الغربی وتوجیهه لدعم خیار الحرب الأطلسیة التی لها أهداف استعماریة خفیة لا علاقة لها بمحاربة الإرهاب الذی هو مجرد أداة وظیفیة تستعملها قوى الشر الإمبریالیة لتحقیق أهداف انتهازیة بغیضة”. ولعل موقع بانوراما الشرق الوسط کان سباقا فی نشر خلاصة غایة فی الأهمیة والخطورة تکشف حقیقة اللعبة من أساسها، حیث ذهبنا مباشرة بعد العملیات الحربیة الباریسیة للقول فی مقالة بعنوان “من یقف وراء هجمات باریس؟.. ولماذا؟” ما نصه: (إن أسلوب العملیات الحربیة التی هزت باریس (Modus Operandi)، بما تمیز من دقة فی التخطیط وحرفیة فی التنفیذ، یعتبر نسخة طبق الأصل من أسلوب “القاعدة” التی تعتمد الهیکلیة الهرمیة المنظمة “الخلایا العنقودیة”، بحیث بتم التخطیط للهجمات من الخارج، فیما تقوم مجموعة خلایا نائمة منتشرة فی أوروبا بالعملیات التحضیریة من جمع للمعلومات وتحدید للأهداف ودراسة سبل اختراق الإجراءات الأمنیة وتوفیر المأوى واللوجستیک للعناصر التنفیذیة، بالإضافة لعملیات التنسیق والتوقیت والتفجیر لتشتیت جهود القوى الأمنیة، ما یشیر إلى أسلوب القاعدة بامتیاز ولیس “داعش” التی اتهمها الرئیس الفرنسی لنیة فی نفس یعقوب.. وأن ما یعزز هذا المعطى، هو توجیه عمیل الاستخبارات الأمریکیة الإرهابی ‘أیمن الظواهری’ قبل أیام للمنتسبین لتنظیمه باستهداف الصلیبیین فی عقر دارهم بأمریکا وأوروبا وروسیا… هذا علما أن أسلوب “داعش” کما أکدته الأحداث فی أوروبا یعتمد أسلوب “الذئاب المنفردة” ولیس “الخلایا المنظمة” والعابرة للحدود الذی یمیز أسلوب إدارة المخابرات الأطلسیة لعملیات “القاعدة”).. وها هی صحیفة “ذی وول سریت جورنال” الذائعة الصیت تؤکد هذا المعطى البالغ الأهمیة والخطورة حین تنقل عن مسؤولین أمنیین أمریکیین وأوروبیین قولهم الجمعة الماضی، أنهم خلصوا بعد دراسة عملیات باریس، إلى أن “التکتیک الذی تحوّل تنظیم ‘الدولة’ (داعش) له، یشبه تکتیک تنظیم ‘القاعدة’، وهو تکتیک التحکم فی العملیات الإرهابیة عن بعد”.. وهذه فضیحة تؤکد أن من یقف وراء العملیات هی المخابرات الأطلسیة بامتیاز. والسؤال الذی یطرح بالمناسبة هو: – هل فشل “عملیات أوروبا” یسقط الهدف الذی کان یرجى تحقیقه من ورائها؟.. الجواب لا بالمطلق، لکن أمرا خطیرا حدث جعل السحر ینقلب على الساحر، فخرج المتحدث باسم الخارجیة الأمیرکیة جون کیربی السبت، لیعلن فی تصریح مقتضب من دون توضیح “إن التفویض السیاسی للتحالف ضد تنظیم ‘داعش’ لا یتضمن بند إزاحة الرئیس السوری بشار الأسد”.. فما الذی حدث بالضبط؟.. لا نرید الإطالة حتى لا یمل منا القارئ الکریم، لکن وبجملة مفیدة، “أبو علی بوتین قرر الإنتقام من ‘السعودیة’ وقطر”، لأنه اکتشف من یقف وراء إسقاط الطائرة الروسیة فوق سیناء، ومن یقف وراء ضرب الضاحیة الجنوبیة فی لبنان، ومن خطط لعملیات باریس الحربیة، وبالتالی، ستکون المنطقة أمام مفاجئات تصعیدیة خطیرة، وهذا ما سنتحدث عنه بتفصیل فی مقالتنا المقبلة بحول الله. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 713 |
||