الارهاب ولغز "الصندوق الأسود الغربی" | ||
الارهاب ولغز "الصندوق الأسود الغربی" غزوة باریس أی لغز هذا الذی یتکتم علیه الزعماء الغربیون فیجعلهم یتخبطون فی مواجهة الأعمال الإرهابیة التی وصلت الى عقر دارهم، من الواضح انهم مصدومون حقا بسبب التفجیرات والهجمات الإنتحاریة التی حولت الحیاة الیومیة لشعوبهم الى کابوس. الشیء المؤکد ان اسراراً تقبع فی "صندوقهم الأسود" ومعلوماته الهائلة التی تشی عن خارطة طریق الإرهاب التکفیری على مستوى العالم الإسلامی، بید أنهم مضطرون الى ابتلاع الغُصص ـ راهنا ـ منعا للمزید من الفضائح بعدما ارتد السحر على الساحر. بالأمس اعلنت فرنسا انها قتلت من اعتبرته العقل المدبر لهجمات باریس (عبد الحمید اباعود).. وقبل شهور أعلنت جماعة طالبان ان زعیمها "الملا عمر" قد لقی مصرعه قبل سنتین ولکنها أخفت الخبر عن انصارها.. وفی کلتا الحالتین لا توجد وثیقة فیلمیة او تصویریة تثبت صحة هذه المزاعم. وفی عام 2011 داهمت القوات الامیرکیة مخبأ زعیم تنظیم القاعدة "اسامة بن لادن" فی باکستان، واوحت للرأی العام العالمی بأنها قتلته، دون تقدیم ای دلیل ملموس یعرض تفاصیل هذه العملیة.. أما خلیفته "ایمن الظواهری" فقد انقطعت أخباره ولم یعد یعطی تصریحات او بیانات او فتاوى تصعیدیة. لقد برهنت تطورات الأزمة والصراع الداخلی فی سوریا ومن ثم فی العراق (الذی عوقب أیضا لأنه حاول الخروج من بیت الطاعة الامیرکیة)، على أن کل ما تم آنفا على مستوى تغییب "قادة التطرف الإسلامی"، إنما کان یتحرک باتجاه تغویل تنظیم "داعش" الدموی، واظهار زعیمه المدعو "ابو بکر البغدادی" ـ ولو لمرة واحدة ـ عبر وسائل الاعلام، معلنا نفسه " خلیفة " داعیا المسلمین الى "مبایعته على السمع والطاعة" . القاسم المشترک للأشخاص المذکورین هو أنهم ترعرعوا جمیعا فی "المدرسة الوهابیة التکفیریة" ، وتزودوا بالأموال الطائلة من الأنظمة البترودولاریة العربیة الخلیجیة ، وتعاملوا مع المخابرات الأمیرکیة والغربیة والإسرائیلیة . بل هم صنیعة السیاسات العدوانیة العابرة للقارات مباشرة أو بالواسطة . ولقد اعترف مسؤولون امیرکیون واوروبیون بهذه الحقیقة ، کما انهم لم یترددوا عن کشف هذه العلاقة فی شبکات التلفزة والصحافة المقروءة وفی المنتدیات السیاسیة والإستراتیجیة والأمنیة. على صعید متصل لم یدّخر صانعو القرار الغربیون وسعا وجهدا ومیزانیات ضخمة واعلاماً من أجل تبشیع دیننا الحنیف ، باستغلال مختلف عناوین الکذب والتزییف والخدیعة والأفتراء، ابتغاء الإساءة الى الإسلام المحمدی الأصیل الذی صار ینتشر ویتمدد فی اوروبا والولایات المتحدة وکندا، بل فی اغلب بقاع العالم. فلقد حشد العلماء والمفکرون والدعاة المخلصون من مختلف المذاهب الإسلامیة جهودا جبارة وبذلوا مساعی مضنیة لتبیین حقیقة الإسلام وتعالیمه وقیمه النبیلة لجمیع الأمم والشعوب فی کل قارات الأرض، وذلک وفق قواعد منطقیة ومنطقیة حظیت بالقبول والترحاب والتجاوب من بنی البشریة کافة، الأمر الذی أقض مضاجع اعداء القیم السماویة وحرضهم على منابذة مضامین (الکلمة الطیبة والمجادلة بالحسنى والتفاعل الحضاری والتثاقف الإنسانی والتعاون على البر والتقوى ) التی یزخر بها الاسلام العظیم ، بکل الوسائل الشیطانیة التی تقلب هذه الصورة الرحمانیة رأسا على عقب. وعلى هذا الأساس وجد زعماء الغرب المتصهین فی "الوهابیة المنحرفة ومشتقاتها" ضالتهم المنشودة لتکریس مبدأ "الإسلام فوبیا" فکان "نموذج داعش الدموی التکفیری" آخر صرعاتهم لتحقیق غایاتهم العدوانیة الخبیثة، وقد وضعوا تحت تصرف اتباعه امکانات هائلة من التمویل والمدخرات الذهبیة والأسلحة المتطورة، والسماح لهم باحتلال الأراضی الواسعة الممتدة ما بین سوریا والعراق بما فیها مدینتا الرقة والموصل، وتمکینهم من إعلان "دولة خلافة" خارج نطاق المجتمع الدولی وبعیدا عن رقابة القرارات الأممیة. یمارس فیها التکفیریون المتلبسون بلبوس الدین، کل الأعمال المنفّرة من الإسلام والقرآن والسنة النبویة العطرة وسیر الأئمة والصالحین والأخیار على مرّ التاریخ. وبالفعل فإن زعماء القوة والمال الغربیین ماضون قدما الآن فی استغلال المذابح والهجمات الانتحاریة والممارسات الغادرة والجرائم الوحشیة لـ"الدواعش" واشباههم، فی سبیل إلصاق کل الموبقات والمساوئ والتشنیعات بالإسلام الکریم بجریرة جرائم ارتکبها ویرتکبها أناس متشددون، کانت المخابرات الإستکباریة قد أهلتهم الى ممارسة الإرهاب والتطرف، نتیجة لانحرافاتهم العقائدیة التی استلهموها من "الإسلام السعودی الوهابی المشبوه" أو بسبب الظروف السیاسیة والإقتصادیة والإجتماعیة الصعبة التی تعرضوا لها فی بلدانهم أو فی دول المهجر. الفایننشیال تایمزالبریطانیة کتبت فی عدد امس 20 ــ 11 ــ 2015 عن المشتبه فی انه کان العقل المدبر لتفجیرات باریس الإرهابیة لیل (14 نوفمبر 2015)، وذلک من باب التهکم، قائلة : "ان عبد الحمید أباعود تحول فی ظرف عامین من لص ضواحی الى القتل الجماعی"، وأضافت الصحیفة: "ان أبا عود یمثل الوجه الجدید لإرهاب الإسلامیین المتشددین". اما الغاردیان فقد تمادت هی الأخرى فی تخویف المواطنین الغربیین من الإسلام وتکریس فزاعة "الإسلام فوبیا" بزعمها "أن ثمة احتمالاً لشن هجوم بالاسلحة الکیمیاویة فی اوروبا"، حیث استندت الصحیفة فی تحلیلها الى تحذیر رئیس وزراء فرنسا "مانویل فالس" بهذا الصدد. واضح ان مجمل هذه المواقف والتصریحات والتحلیلات تقودنا الى سیناریوهات تحریضیة وفتنویة بالغة الخطورة یراد من ورائها هدم جسورالتواصل والتآلف والتفاکر بین الشعوب الإسلامیة من جهة والمجتمعات الغربیة من جهة اخرى، والعمل على اجهاض کل النتائج والمکاسب الطیبة التی تحققت بفضل الخیرین من سفراء الإسلام الناصع الى دول العالم اجمع، وبالتالی تکریس فکرة صراع الحضارات التی یروج لها الأمیرکیون منذ عقدین من الزمن. وهی الفکرة القائمة على قاعدة (تقدیم الإسلام کعدو للحضارة الغربیة ولأسباب التطور فی المجتمع الإنسانی العالمی).. إن المرء لیتألم بشدة وهو یتابع المخططات الکیدیة الحاقدة على مستوى تمویه شعوب البلدان الغربیة وتعمیة مقاصد الإسلام الکریمة والسمحاء على أبنائها المضللین تحت تأثیر البروباغندا الأستکباریة. فالماکنة الإعلامیة والدعائیة والسینمائیة المسیطر علیها من قبل اللوبی الصهیونی، لم تترک سلاحا دنیئا إلا واستخدمته للإساءة الى الأمة الإسلامیة والى خاتم الأنبیاء والمرسلین المصطفى محمد (صلى الله علیه وآله وسلم) والى القرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة. ومن تلک الأسلحة حالیا "سلاح الإسلام التکفیری والإرهابی" الذی امتدت اعماله المدانة والبربریة الى اوروبا. بید ان ثمة سؤالا مصیریا ینبغی ان یراود اذهان العقلاء والمنصفین والاحرار فی العالم وهو: من الذی صنع هذا الإرهاب القاتل الذی اشاع رعبا لایصدق ولایعقل فی اوروبا وامیرکا ومناطق الغربیین الأخرى؟ اعتقادنا الراسخ هو ان الإجابة على هذا السؤال موجودة لکنها مغیبة تماما، بسبب أن الوقائع والحقائق کامنة فی الصندوق الأسود لصنّاع الشر والعدوان والکراهیة والأحقاد والکوارث، من أباطرة الإستکبارالعالمی الغربیین المتصهینین، دون ان نعنی بذلک الشعوب الغربیة.. ففی هذا الصندوق توجد أسرار داعش والقاعدة وطالبان وبوکوحرام ولشکر جنک جو. ومن قبل یوجد فیه لغز صناعة دولة ال سعود الوهابیة فی بلاد الحرمین الشریفین. وهی المسمیات التی استحدثت لقتل الإسلام بأیدی أبنائه المغرر بهم. ولکن هیهات ان یصل الطغاة الى مبتغاهم مادام الاسلام الطاهر ینبض فی عروق المجاهدین المؤمنین والمقاومین الشرفاء الذین نذروا ارواحهم لصیانة الدین الحنیف والقرآن العظیم والسنة المحمدیة العطرة من الدس والتحریف، ووطّنوا انفسهم على حمایة المقدسات والأوطان والحقوق والمقدرات من التدنیس والأثم وألعدوان، مهما بلغت لأجلها التضحیات. * حمید حلمی زادة العالم | ||
الإحصائيات مشاهدة: 832 |
||