استراتیجیة مکافحة الإرهاب: من ردّة الفعل إلى الفعل | ||
استراتیجیة مکافحة الإرهاب: من ردّة الفعل إلى الفعل د. طراد حمادة هل یجمع العالم المعاصر همته ویذهب إلى مکافحة الإرهاب بعدما شعر بخطره الداهم على الاستقرار والأمن الدولیین. ومتى تحصل هذه القفزة النوعیة، فی الحرب على الإرهاب التکفیری والانتقال من حالة ردة الفعل إلى الفعل المباشر والعمل الاستباقی فی مکافحة الإرهاب الذی لا یترک فرصة سانحة له، ولا فجوة فی جدار الإجراءات الأمنیة، ولا منفذاً للوصول إلى الأهداف السهلة والصعبة، دون أن یضرب ویشیع الرعب ویصنع القتل والدمار. یبدو أن غفلة العالم المعاصر عن مخاطر الإرهاب، مکنته من معرفة مواطن الضعف فیه وسمحت للعقل الشیطانی المخرب للعالم، أن یصنع فیه ما یشاء: یسقط طائرة مدنیة روسیة فوق سیناء، یستبیح العاصمة الفرنسیة باریس، فی عملیات موزعة على أحیائها مستهدفة ملاعب الکرة، والأسواق والمسارح والمقاهی، فی أحیاء تتوزع بین قلب العاصمة وضواحیها فی شکل غیر مسبوق حمل الفرنسیین على الإحساس بالخطر الجدی والاستفاقة لمکافحته، وقد ضرب هذا الإرهاب قبل یوم فی حیّ برج البراجنة قریباً من المخیم الفلسطینی، والطریق الدولیة المؤدیة للمطار وفی ضاحیة بیروت الجنوبیة، التی تمثل على وجه الحقیقة عاصمة حرکة المقاومة فی مکافحة الإرهاب. مکافحة الارهاب کل هذه العملیات الموزعة الأهداف المتعددة السبل لا تقیم وزناً لنتائج أفعالها ولا یردها رادع من قوة أو دین أو أخلاق، أو مبادىء مرتبطة بالحقوق الإنسانیة، والعلاقات الدولیة، ومجموعة القواعد التی تنظم الحروب وطرق الاشتباک فیها... یضرب الإرهاب خبط عشواء ولا یقیّده قید من أی نوع کان، وعلیه فإنه یذهب إلى النهایة فی عملیة القتل والدمار وإرهاب العالم ونشر الرعب والخراب فی أنحائه. وهذا النوع من الحروب یستلزم قواعد مختلفة للمواجهة ولا یفید معه قواعد الحرب المصروفة التی تلتزم بقوانین من نوع: التوازن بین أمرین: 1-امتلاک القوة 2-واستخدام القوة إن الحروب المشهورة بشکل أو بآخر تحترم قواعد امتلاک القوى واختلافه عن القدرة على استخدامها. وعلى الرغم من أن حروباً عدیدة، فی بدایة الألفیّة الثالثة خرقت هذه القواعد من ناحیة العمل على أمرین فی الحرب: 1- استخدام کامل الطاقة المناسبة 2- السعی إلى الحرب النظیفة ومعناها عدم سقوط ضحایا فی صفوف الأصدقاء إلاّ أن هذه الحروب ظلت تخضع لقواعد مرتبطة بموازین القوى، وإخضاع نتائج الحرب إلى الأهداف السیاسیة لها ولیس إلى مستوى الدمار الذی تلحقه بعدوها، وهو أمر قابل للنظر فی کل أحوال شروط الحرب. لکن حرب الإرهابیین على العالم المعاصر، والتی استفادت من تطورات الحروب السابقة لأن قسماً کبیراً من بنیة هذا الإرهاب التکفیری مرتبط بأحداث ووقائع حصلت فی: 1( الحرب فی أفغانستان؛ وأدت إلى نشوء تنظیم القاعدة 2( الحرب فی العراق؛ وأدت إلى نشوء أخوات القاعدة وملحقاتها من داعش وسواها 3) الحرب فی سوریا؛ وهی المرحلة التی تنامت فیها نتائج هذه الحروب الإقلیمیة والدولیة إن مراقبة ما یقوم به الإرهابیون من أعمال تکشف أنهم لا یأبهون بردات الفعل الدولیة على ما یفعلون لأنهم یدرکون أن ردة الفعل لن تکون کافیة للقضاء علیهم، وقد جربوا ذلک فی الحروب السابقة المذکورة ومنها، أقصد ردات الفعل، ما یساعد على نمو هذه الحرکات وتقویة جماعاتها، لأنه وفق المثل المشهور؛ الضربة التی لا تؤذینی تقوینی... إن استراتیجیّة ردّة الفعل العسکریة والسیاسیة لم تکن ناجحة فی محاربة الإرهاب بل جعلته یوسّع من دائرة استهدافاته، ولا یضع أمامه أی محرم یردعه عن القیام بأفعاله القاتلة. وهذا ما تشیر إلیه الأحداث والوقائع العسکریة الأخیرة. وعلیه یبدو أن سیاسة الفصل العسکری والسیاسی المباشر فی مکافحة الإرهاب هو السبیل إلى القضاء علیه، فیما الإبقاء على ردّات الفعل کما هو علیه حال التحالف الذی تقوده أمیرکا، فإنه یقوی من قدرات الإرهاب ولا یقضی علیها. أخیراً، هل سنشهد صحوة صریحة للانتقال فی الاستراتیجیة العسکریة لمکافحة الإرهاب تنتقل من ردّة الفعل إلى الفعل المباشر؟؟ علینا أن ننتظر بضعة أیام، ونرى.... کیهان العربی | ||
الإحصائيات مشاهدة: 899 |
||