الصهیونیة و"داعش" وجهان لعملة واحدة

لا یحتاج المرء لذکاء خارق لیکشف العلاقة التی تربط المجموعات التکفیریة وعلى رأسها “داعش”، بالکیان الصهیونی، فالتکفیریون أساؤوا للعرب والمسلمین خلال بضع سنوات، اکثر مما اساءت الیهم الصهیونیة خلال اکثر من ستین عاما.

ما صنعته “داعش”، خلال عامین من عمرها الاسود، بحاجة الى عقود طویلة وطویلة جدا لاصلاحه، ف”داعش”اساءت للاسلام، قبل کل شیء، ومن ثم للمسلمین، وهذه الاساءة، تجاوزت کل الحدود التی یمکن ان تخطر ببال ألد أعداء المسلمین من الصهاینة والمستکبرین.

نظرة سریعة الى “منجزات داعش” خلال العامین الماضین فی سوریا والعراق، تؤکد وبشکل قاطع، ان هذا التنظیم الارهابی یعمل وفق خطة صهیونیة محبوکة وبدقة، لا تنتهی الا بانتصار “الصهیونیة” وهیمنتها على المنطقة، وبخراب ودمار وضیاع الدول العربیة والاسلامیة.

من اهم “المنجزات” الصهیونیة ل”داعش”:

- اشغال العرب والمسلمین بفتن طائفیة لاتنتهی.
- اخراج “فلسطین” من دائرة الاهتمام العربی والاسلامی.
- خلق اعداء وهمیین للمسلمین، بهدف التغطیة على “اسرائیل”.
- ضرب عناصر القوة فی الدول العربیة والاسلامیة، وفی مقدمتها جیوش هذه الدول.
- ضرب النسیج الاجتماعی فی الدول العربیة والاسلامیة، بهدف تمزیق وتشتیت هذه المجتمعات.
- القیام بممارسات وحشیة والصاقها بالاسلام.
- تدمیر البنى التحتیة للدول العربیة والاسلامیة.
- تدمیر التراث الحضاری للشعوب العربیة والاسلامیة.
- تحول العرب والمسلمین الى لاجئین ومشردین فی مختلف بقاع الارض.
- استنزاف کل الثروات العربیة والاسلامیة فی حروب عبثیة لاطائل من ورائها.
- خلق حالة من الاحباط والیأس لدى الاجیال العربیة والاسلامیة ازاء المستقبل.
هذه کانت بعض منجزات “داعش” التی تصب من اولها والى اخرها فی صالح الصهیونیة، کما ان النتیجة المنطقیة لهذه المنجزات، هی خروج “اسرائیل”من الفتنة “الداعشیة” قویة مهیمنة منیعة، بینما العرب والمسلمین، یذبحون بعضهم بعضا.
ولما کان الشعب الفلسطینی من اکثر الشعوب العربیة درایة بمکائد الصهیونیة، لم تنطل علیه حکایة “داعش” وشعاراتها واهدافها حول نصر”السنة” و الدفاع عن “الصحابة” ومحاربة “الشرک والبدع” والتصدی ل”الروافض”، لذلک لم یسقط من ابناء فلسطین المحتلة فی الفخ “داعشی” سوى القلیل، قیاسا بالشعوب العربیة والاسلامیة الاخرى، لذلک زاد تمسک هذا الشعب بقضیته العادلة، واعتبارها القضیة المرکزیة الاولى للعرب والمسلمین، وکل القضایا الاخرى التی تثار، ماهی الا مکائد صهیونیة لاسقاط القضیة الفلسطینیة ومحوها من عقل ووجدان العرب والمسلمین، کما یبقى العدو الاول والاخیر للعرب والمسلمین، هو الکیان الصهیونی، وان کل الاعداء الوهمیین الذین یتم اختلاقهم، هی صناعة وهابیة صهیونیة لیس الا.
هذه الرؤیة الثاقبة للاوضاع فی المنطقة، التی یتمتع بها الشعب الفلسطینی، تم تجسیدها عبر “انتفاضة السکاکین”، حیث ادار الشعب الفلسطینی ظهره للفتنة “الداعشیة الصهیونیة فی المنطقة، وبقى متمسکا بقضیته العادلة، ومستهدفا العدو الحقیقی له وللعرب والمسلمین، بعد ان انشغل وللاسف جل العرب والمسلمین بالفتنة “الداعشیة الصهیونیة”.
یبدو ان “انتفاضة السکاکین”، التی اکدت استقرار وثبات البوصلة الفلسطینیة، اغاضت الصهیونیة، التی لجأت الى حیلة فی غایة الخبث، لتشویه الانتفاضة الفلسطینیة المبارکة التی قضت مضاجع الصهاینة، عبر الصاق “داعش” بها، لتشویهها وضربها والتغریر بالشباب الفلسطینی، وهذه الحیلة تمثلت فی بث “داعش” شریط مصور باللغة العبریة الفصحى مدته 16 دقیقة، هددت فیه “إسرائیل” بالثأر ووعدت بإخلاء الیهود من القدس !!.
ویقول المتحدث المقنع فی الشریط المصور: “الیهود الذین احتلوا البلاد من المسلمین إن الحرب الحقیقیة لم تبدأ بعد. کل ما حصل حتى الآن هو لعبة صبیان مقابل ما سیحدث لکم قریبا إن شاء الله”. وتابع مهددا “افعلوا ما شئتم الیوم حتى نبلغکم وعندها سنجبرکم على تسدید لقاء أفعالکم وجرائمکم عشرة أضعاف ونعدکم بألا یبقى یهودی واحد فی القدس وکل أنحاء البلاد وسنمضی بمسعانا حتى نکافح ونصفی هذا الداء فی کل العالم”.
هذه الحیلة الخبیثة والغبیة فی الوقت نفسه، لم تنطل على الشعب الفلسطینی، الذی لا یشک للحظة واحدة ان “داعش” لن تعض الید التی رعتها وجعلت منها کیانا قائما، فهذا الشعب یعرف ان “داعش” لو کانت تشکل خطرا على “اسرائیل” لقضت علیها امریکا فی رمشة عین، ف”داعش” لم یتم صناعتها لمحاربة “اسرائیل”.
منذ اللحظة الاولى الذی تم تداول الفیدیو على مواقع التواصل الاجتماعی، کان واضحا انه فبرکة صهیونیة لیصبغوا الانتفاضة الثالثة بالصبغة الداعشیة ودعوة للعالم للتعاطف مع “اسرائیل” من جدید، والا حتى الساذج لایصدق کلام مجرمین مثل “الدواعش”، فالمهمة التی جاؤوا لتنفیذها تتلخص فی قتل المسلمین والأقلیات المسالمة التی عاشت أکثر من ألف سنة بین المسلمین.
الملفت انه بعد بث هذا الفیدیو، لم نشهد ای استنفار امنی فی فلسطین المحتلة، ولم نر ای علائم للخوف اوالقلق داخل المستوطنات الصهیونیة، اثر “التهدیدات الداعشیة” ل”الیهود”، فحالة الاسترخاء الصهیونیة هذه، ما کانت لتوجد لولا وجود “داعش” الوجه الاخر للصهیونیة.

سامی رمزی - شفقنا