رمال الإرهاب المتحرکة
د. رغداءماردینی
رباعیة فیینا، ومن انضمّ إلیها لتصبح اجتماعاً موسعاً بهدف إیجاد تسویة سیاسیة للأزمة فی سوریة یستند نجاحها ویتوقف على امتلاک النیّات الصادقة والإیمان القوی بضرورة مکافحة الإرهاب، وجعلها أولویةً تتصدّر الأولویات جمیعها، إذا ما أردنا تسویة سیاسیةً قابلة للتنفیذ للأزمة فی سوریة، وهذا ما أکدت علیه الدولة السوریة، وما زالت تؤکده، على مدى أربعة أعوام ونصف العام من أن لا حلّ سیاسیاً للأزمة قبل دحر الإرهاب والقضاء علیه، وما یستند إلیه الحضور العسکری الروسی فی سماء سوریة بطلب من الدولة السوریة، وها هی الطائرات الروسیة بضرباتها الجویة المحکمة وبالتعاون والتنسیق مع الجیش العربی السوری تدکّ معاقل الإرهاب ومجموعاته المدعومة من بعض الدول المشارکة فی قمة رباعیة فیینا ذاتها وبعدها الاجتماع الموسع.
فما هو الأمر المعوّل علیه فی الحلول والمسارات السیاسیة، ومملکة الظلام ودعم الإرهاب وتمویله مازالت ثابتةً على ضلالها وغیّها وممارساتها الدمویة بحق الشعب السوری بإیعاز من أمریکا التی لا ترید لمشکلة الإرهاب أن تنتهی حتى ولو ظهر بعض من ما یخالف ذلک فی رباعیة فیینا، لأنها هی مَنْ أوجدتها، وتمسک بخیوطها، وتحرّکها حسب أهدافها وأطماعها، وکذلک فی ظل إصرار بنی سعود على دعمهم اللامحدود لتمدّد الإرهاب الوهابی فی المنطقة کلها، وآخره ما حملته طائرات حلفائهم من مئات الإرهابیین إلى الیمن الذی یشهد على ما یرتکبونه من جرائم حرب.
إن آل سعود الآن فی وضع لایحسدون علیه، فمیزان القوى تمیل کفته لمصلحة الدولة السوریة، وفی اتجاه الحسم الشامل للإرهاب الذی صنعوه مع أسیادهم على الأرض السوریة، ولا یدّخرون جهداً لتمکینه وترسیخ جذوره، على الرغم من کل الاجتماعات، وقمم السیاسة التی یلهثون لتؤول نتائجها لمصلحة ما کانوا یرمون، ویسعون إلیه، من حیث إتمام مشروعهم القائم على التعاون المطلق مع «إسرائیل»، وبما یخدم أمنها فی المنطقة لکونها حامیة «الآلات» الملکیة والأمیریة فی المنطقة ذاتها، وعلى عاتقها یقع أمر حمایة هذه السلالات من الانقراض والزوال.
واستناداً إلى ذلک، تبرز الأصوات النشاز بین الحین والآخر، بما تحمل من مراهقةٍ سیاسیةٍ تعجّ بمخلّفات لفظیة غیر مبنیّة على عقل أو تفکیر.
سوریة التی أوقفت کلّ مخططات المؤامرة ومشروعات التدمیر والتقسیم فی المنطقة، ما زالت أبوابها مفتوحةً لکل قرارات المجتمع الدولی.. لکن تلک القرارات المؤکدة على حقها فی السیادة، ومکافحة الإرهاب الذی جعله البعض الإسفین الدموی فی دکّ المعاقل الآمنة للشعب السوری، وتلک القرارات التی تقوم على تنفیذ بنودها دول لم تلوّث أیدیها وتاریخها بالدم والاحتلال، وتسعى جاهدة لإیجاد عالم یسوده السلام والمحبة، وقائم على احترام الحقوق والسیادات، ووحدة الأرض.
الیوم، وفی مواجهة رباعیة فیینا ومَنْ انضمّ إلیها من المدعوین، وبالتوازی معها، یبرز تجهیز قائمة تعویضات وإصلاح ضرر ورأب صدع مع یهود الولایات المتحدة، على نحو یظهر من صحافة العدو التی تعتقد أن الثامن من تشرین الثانی هو الوقت المناسب لذلک، أیّ موعد زیارة رئیس الحکومة الإسرائیلی لأمریکا. أما ما التعویضات التی على إدارة الرئیس الأمیرکی أوباما تقدیمها «لإسرائیل» ولاسیما للمجموعة الیهودیة التی دعمت إدارته، ووقفت منذ عقود مع «الکیان الإسرائیلی» جنباً إلى جنب؟ فهذا أمر متوقّف على الفرصة الذهبیة لإصلاح وتدعیم «إسرائیل» کمرکز یتطلع إلیه کل یهود العالم.
ألم یقل أحد أمراء آل سعود العاملین بإمرة الکیان الصهیونی إنه سیمارس کلَّ نفوذه لکسر المبادرات التی تهدّد «إسرائیل»، وکذلک قوله الذی نقله موقع «روترنت» الإسرائیلی: «إن النزاع فی الشرق الأوسط کلّه مسألة حیاة أو موت للمملکة السعودیة، ونظراً لذلک یجب على السعودیة و«إسرائیل» دعم العلاقات بینهما وتمتینها وتشکیل جبهة موحدة».
حقاً، إن ما یقوم به آل سعود الیوم هو بلورة استراتیجیة تحالفیّة دفاعیة مع «إسرائیل» بما یعید توحید العائلة مع مواطنتها «إسرائیل»، یبرزه جلیاً مجمل تصریحات آلات مملکة الرمال فی کلّ محفل یوجدون فیه.
لقد برزت واضحةً الأصوات الشاذة المکلّفة نیابةً عن جوقة التآمر الاستعماریة بالعزف المنفرد للغة الصهیونیة صاحبة المشروع التقسیمی والاستراتیجیات القادمة للمنطقة، والعاملة على حملة دعائیة أمریکیة لتشویه العملیة العسکریة الروسیة فی سوریة.. وبما یؤکد التعاون الوثیق بین أمریکا راعیة الإرهاب وأعوانها الداعمین... الأعوان الذین علیهم اقتناص الفرصة الذهبیة الآن فی المنطقة قبل فوات الأوان، وقبل أن تغرقهم رمال الإرهاب المتحرکة!!
Raghdamardinie@yahoo.com
تشرین