حکومات الإرهاب و العدوان

غالب قندیل

منذ انطلاق العدوان الاستعماری على سوریة تقود الولایات المتحدة ومعها حکومات الناتو حلفا من الحکومات الإقلیمیة التابعة التی لا تملک أی هامش من الاستقلال او الانفصال عن المشیئة الأمیرکیة کما یبرهن تاریخ تبعیتها الممتدة عبر الزمن .

أولا تمتاز منظومة الهیمنة الأمیرکیة فی المنطقة بتشعب المصالح والعلاقات التی تربط تلک الدول بواشنطن ففی المملکة السعودیة وإمارة قطر الاستبدادیتین تشغل الولایات المتحدة موقع الآمر الناهی فی کل شاردة وواردة نفطیة وسیاسیة وأمنیة بل وعائلیة أیضا أما ترکیا فحبل صرة حکامها مربوط بالولایات المتحدة وبحلف الناتو ومؤسساتها العسکریة والأمنیة بالذات تعمل بالتوجیهات الأمیرکیة الأطلسیة أما إسرائیل فهی مدللة الولایات المتحدة فی المنطقة وشریکتها الرئیسیة الضالعة فی مساندة فصائل القاعدة على الأرض السوریة .

ثانیا شکل الانخراط الروسی فی الحرب السوریة ضد عصابات الإرهاب والتکفیر نذیرا بتحولات حاسمة فی المیدان وفی توازن القوى السیاسی وحکومات الإرهاب والعدوان تعرف تلک الحقیقة ومعها تدرک الولایات المتحدة ما شکله التدخل الروسی من تحول فی مسار الأحداث وما تسبب به من حرج فاضح للتلاعب الأمیرکی الترکی الخلیجی بقضیة مکافحة الإرهاب ومن مظاهر الحرج الأمیرکی القرار المستجد الذی اعلنه وزیر الحرب آشتون کارتر عن تفعیل الضربات ضد داعش واشتراک قوات خاصة فی القتال إلى جانب الجیش العراقی.

ثالثا تستمر الثرثرة الأمیرکیة عن عملاء واشنطن المعتدلین المزعومین فی سوریة بینما عملت حکومات قطر والسعودیة وترکیا على توحید داعش وجبهة النصرة وسائر فصائل الإجرام والإرهاب العمیلة عبر غرف عملیات موحدة تدار من داخل الأراضی الترکیة وأغدقت مؤخرا کمیات جدیدة من الأموال والأسلحة على هذه العصابات عبر الحدود الترکیة السوریة بصورة خاصة وتفید المعلومات ان مخازن الصواریخ السعودیة فتحت على مصراعیها بعد انطلاق الحملة الجویة الروسیة وتم التساهل فی کثافة استعمال تلک الصواریخ من قبل مسلحی العصابات القاعدیة الأخوانیة فی التصدی لتقدم الجیش العربی السوری على جبهات القتال.

رابعا النفاق السیاسی الدائر فی قاعات الاجتماعات الدبلوماسیة فی فیینا تلبیة للدعوة الروسیة لا یتناسب واقعیا مع انخراط حکومات الولایات المتحدة وترکیا وقطر والسعودیة ومعهم الناتو وإسرائیل فی دعم الإرهابیین والجهود التی تبذلها تلک الحکومات لمساعدة العصابات الداعشیة والقاعدیة والأخوانیة فی تلافی انهیار مواقعها فی سوریة وللحؤول دون اضطرارها للانکفاء عن مزید من المناطق التی تسیطر علیها.

والدلیل على ذلک ان شبکة تمویل داعش بمبیعات النفط المسروق عبر ترکیا وبمساعدة مباشرة من قیادة الحزب الحاکم لم تتأثر او تهتز بینما تستمر خطوط الإمداد الخاصة بجبهة النصرة وفصائل الإرهابیین الشیشان والترکمان والطاجیک وغیرهم من ترکیا إلى سوریة وفی حین تتواصل إرسالیات السلاح والدعم اللوجستی الإسرائیلیة للجماعات الإرهابیة تبذل جهود جدیدة لتنشیط الجبهة الجنوبیة التی انکسرت امام الجیش العربی السوری ورغم الإعلان عن مؤشرات سیاسیة اعتبرت مرجحة للانکفاء الأردنی.

خامسا حکومات الإرهاب والعدوان مصممة على إجراء مساومات تضمن لها مواقع عمیلة داخل السلطة السیاسیة السوریة وتوازناتها وهذه مشیئة امیرکیة ولیست استثمارا منفردا لترکیا او قطر او السعودیة وهی بالأصل مشیئة صهیونیة لأن أی اختراق للبنیان السیاسی الوطنی فی سوریة ستکون وجهته التأثیر على نهج سوریة القومی وخیارها الوطنی الاستقلالی وبالتالی على موقفها من الصراع العربی الصهیونی ومن مسألتی الجولان المحتل وقضیة الشعب الفلسطینی ناهیک عما یتصل بالمصالح الأمیرکیة الصهیونیة الغربیة فی شبکات خطوط نقل النفط والغاز الإقلیمیة والدولیة التی تمثل سوریة عقدتها الجغرافیة .

سادسا إن ما تقدم یسمح بفهم التصمیم السوری على مقولة الحسم ضد الإرهاب ثم العملیة السیاسیة وهو یسمح أیضا بفهم المنطق السوری الذی اشترط منذ بدایة العدوان تجفیف موارد الإرهاب المالیة والعسکریة والبشریة بوصفه الجوهر الفعلی لأی تعاون دولی او إقلیمی فما یزال المدخل فی ای تعاون من هذا القبیل هو الإغلاق التام للحدود السوریة مع الأردن وترکیا وهی النقطة الجوهریة التی تنبغی مناقشتها لحسمها فی أی اتصالات تتوخى فعلا توحید الجهود لمکافحة الإرهاب فشرط النجاح هو شل الجهود التی تبذلها حکومات العدوان والإرهاب التی ما تزال تسخر إمکاناتها العسکریة والمالیة والسیاسیة فی خدمة داعش والقاعدة وسواها من شبکات الإجرام المنظم على الأرض السوریة .

وکالة اخبار الشرق الجدید