ما اسباب حرب روسیا وایران على الارهاب وتداعیاتها؟ | ||
ما اسباب حرب روسیا وایران على الارهاب وتداعیاتها؟ بقلم : فادی اسماعیل بودیة ،باحث فی شؤون الشرق الاوسط
ان التطورات الجاریة فی الشرق الاوسط تؤکد ان ظاهرة الارهاب المشؤومة التی انتشرت فی العراق وسوریا وغیرهما تتطلب نهضة عالمیة لمکافحتها وای تباطؤ فی ذلک سیؤدی الى استفحالها وربما تبلغ مدى یعجز الشرق والغرب عن استئصالها اذا فات الاوان. وما یدور فی بلدان المنطقة لاسیما سوریا یؤکد ان الذین نصبوا لها الفخ هم اللاعبین نفسهم الذین نصبوا الکمائن فی العراق ولیبیا والیمن، وهم العناصر نفسهم الذین یخططون لتأجیج الاضطرابات والفوضى المدمرة فی الشرق الاوسط وشمال افریقیا. واذا کانت تجارب الارهابیین قد برهنت ان العملیات الارهابیة الفردیة لایمکنها زعزعة ارکان حکومة ما، بل لابد من الاصطفاف ضمن مجموعات تضطلع بمهمات واسعة وفق خطط مدروسة والرکون الى قوى اجنبیة تدعمها بالمال والسلاح، وما حدث فی العراق ثم سوریا خیر دلیل على ذلک، اذ کانت البدایة تفجیرات ارهابیة وعملیات انتحاریة فردیة طالت مدن العراق کبغداد وغیرها منذ سنوات، لکنها آلت الى ظهور مجموعات ارهابیة فی سوریا کداعش والنصرة وجیش الاسلام والفتح وغیرها، حیث استطاعت اقتطاع اجزاءً غیر صغیرة من اراضی هذین البلدین. وفی مقابل هذه التحشدات الارهابیة، شعرت البلدان المستهدفة وحلفائها بالمخاطر، ما دفعها الى الاصطفاف لتشکیل تحالفات تتولى عملیات المکافحة والتصدی، فکان الحلف الرباعی الذی ضم طهران وموسکو وبغداد ودمشق وتشکیل غرفة عملیات مشترکة من اجل تنسیق الجهود وتجمیع المعلومات فی عملیات القضاء على الارهابیین. ولم تنحصر الدول المناهضة للارهاب على التحالف الرباعی المذکور، بل تعدّت لتشمل بکین ومجموعتی “بریکس” و”البا”، حیث ادرکت ان استمرار ارتکاب المجازر والدمار فی سوریا لن یؤدی الى زعزعة الشرق الاوسط فحسب، بل یهدد الامن العالمی برمته. وبات جلیا ان اتساع نطاق الازمة السوریة وعسکرة سبل الحل لیس سوى سیاسة لم تضف الا الى المزید من الخراب والتشرد وهو ما وقع خلال الاعوام المنصرمة من الازمة. واکسبت هذه التطورات المریرة التی بدأت فی العراق وانتشرت فی سوریا تجارب للقوى المناهضة للارهاب تقوم على ان لا سبیل للحل الا عبر الوقوف الى جانب الحکومات الشرعیة ودعم مؤسساتها القانونیة من اجل تعزیز صمودها فی مواجهة التطرف وارتکاب المجازر ضد الابریاء والحد من دمار البنى التحتیة وهدم الحضارة الانسانیة والتراث الثقافی فی سوریا والمنطقة. واستخدم اعداء سوریا وشعبها مختلف الادوات والآلیات والمخططات لاطالة امد الازمة وزعزعة الامن فی المنطقة، ومهدوا لنمو الارهاب والتطرف وتأجیج الفتن الطائفیة والقومیة. واسفرت السیاسات والحسابات الامیرکیة الخاطئة مع بعض اللاعبین الاقلیمیین عن نمو المجموعات التابعة للقاعدة والتفکیریین والمتطرفین، ویوما بعد یوم، توضحت سیاسات البیت الابیض فی التخطیط لسیناریوهات ترمی لتوسیع رقعة الارهاب والتطرف من سوریا والعراق الى مناطق تتسم بالثبات والامن کالقوقاز وآسیا الوسطى ومناطق اخرى فی اوروبا وآسیا. ولعبت الاجهزة الاستخباریة والتجسسیة الغربیة لاسیما الـ “سی آی ایه” والترکیة “میت” والدولارات النفطیة لامراء الخلیج دورا کبیرا فی تحویل الازمات فی سوریا والعراق ولیبیا الى ارض لـ”الجهاد المقدس” بهدف اجتذاب الشبان السلفیین والجهادیین من جمیع مناطق العالم لاسیما من آسیا الوسطى وجمهوریات الحکم الذاتی فی روسیا الاتحادیة. ویقوم مخطط هذه الاجهزة الاستخباریة وفق سیاسات البیت الابیض على اعادة الشبان القوقازیین المتشددین الى بلدانهم بعد اکتساب التجارب والفنون القتالیة بهدف تأجیج الاضطرابات وزعزعة الامن واثارة الفوضى المدمرة والتمهید لازمات اخرى فی الشیشان ومناطق القوقاز وآسیا الوسطى وشرق الصین. ومع تصعید امیرکا وحلفائها فی المنطقة لوتیرة الازمة فی سوریا وتهدید نظامها السیاسیة وبنیتها الحکومیة وصنع بیئة مناسبة لنمو الارهاب والتطرف والعنف والدفع بامن المنطقة والعالم الى المخاطر وتقدیم الخدمة لشرکات انتاج الاسلحة فی الغرب وتفعیل اسواقها والدفع باقتصادیاتها الى الامام. ولم تتوان الامبریالیة الغربیة فی صیاغة المخططات الشیطانیة والسیناریوهات اللاانسانیة لاغراق المنطقة بالفوضى، ما حدا بایران وروسیا والصین ومجموعتی بریکس والبا بتکثیف جهودها فی الدفاع عن دمشق لاحباط اهداف امیرکا وحلفائها. ودخلت ایران وروسیا حربا حقیقیة على الارهاب والتطرف فی سوریا للاسباب التالیة: – العملیات العسکریة للتحالف الذی تقوده امیرکا ضد داعش والارهاب فی العراق وسوریا اتسم بالضعف وانعدام الکفاءة. – التصرفات غیر المسؤولة لامیرکا فی مواجهة داعش والمجموعات السلفیة والجهادیة الاخرى صنعت فراغا امنیا مساعدا لتنمیة الارهاب فی المنطقة. – تنامی الارهاب فی العراق وسوریا جعل النظامین السیاسیین فی البلدین یواجهان الانهیار والدمار، ما ترک تداعیات وعواقب سیئة للغایة على الامن فی المنطقة والعالم. وافرغت امیرکا وبعض اللاعبین فی المنطقة جمیع قرارات مجلس الامن التی صدرت ضد داعش والارهاب عام 2014 من محتواها، واعاقت مکافحة الارهاب على صعید المنطقة والعالم، ما جعل الاستقرار فی المنطقة والعالم یواجه تهدیدات جادة. وفی مواجهة هذه التصرفات اللامسؤولة للغرب فی مواجهة الارهاب، شکلت العملیات العسکریة لروسیا وایران ضد ارهاب داعش والمجموعات الاخرى التابعة للقاعدة بمثابة ممارسات مسؤولة لانها مثلت رغبات شعوب المنطقة وحکوماتها التی ضاقت ذرعا بالاعتداءات المدمرة للارهاب المتوحش. والى جانب روسیا وایران، فان الشعوب المحبة للسلام والمدافعة عن الحضارة تدعم الغارات التی تشنها طائرات “سوخوی” الروسیة على مواضع الارهابیین فی سوریا. ان سجل العملیات العسکریة للتحالف الذی تقوده امیرکا ضد داعش فی العراق وسوریا عکس صورة مسرحیة وسیناریو اجوف غیر قادر على اقتلاع الارهاب فی المنطقة، بل على العکس مهد الاجواء لاتساع دائرته ونمو نشاطاته. وفی هذا الاطار، فان النشاط العسکری لروسیا وایران فی الدفاع عن دمشق یعدّ ردا مسؤولا ودفاعا عن الامن والسلام العالمی فی مواجهة التهدیدات الارهابیة. وخلال الاسابیع المنصرمة، برزت مؤشرات سیاسیة – امنیة واضحة للغارات التی شنتها روسیا على مقرات الارهابیین فی سوریا، وفی هذا السیاق یمکن الاشارة الى اهمها: – عملیات هروب جماعیة لداعش والمجموعات الاخرى التابعة للقاعدة باتجاه ترکیا ومناطق تغلغل التحالف الدولی ضد الارهاب، لان هؤلاء الارهابیین یدرکون جیدا انهم یستطیعون نیل الامن فیها. – کشفت الغارات الروسیة عن حقیقة الوجه المنافق لادعیاء مناهضة الارهاب والتطرف، کما جعل امیرکا وحلفائها یشعرون بالهلع حیال جدوى العملیات الروسیة ضد الارهاب، ما حدا بها الى اتخاذ مواقف سلبیة وتآمریة من اجل ایقافها. – دفعت العملیات العسکریة الروسیة بتوازن القوى لصالح الاستقرار والامن والثبات فی الدولة السوریة، وبات الجمیع یدرکون ان الامن فی هذا البلد یعد صونا للامن والسلام على صعیدی المنطقة والعالم. – وتعد الهجمات الجویة التی تشنها موسکو ضد عناصر القاعدة والمسلحین القوقازیین المغرر بهم من قبل داعش بمثابة خطوة ذکیة لاحباط مؤامرات امیرکا والناتو الرامیة لنقل الازمة والتوتر الى جمهوریات روسیا الاتحادیة وبلدان آسیا الوسطى. – تصب الضربات المدمرة التی تشنها روسیا ضد عناصر داعش والمجموعات الارهابیة الاخرى لصالح الاستقرار والثبات السیاسی سواء لروسیا او بلدان المنطقة فضلا عن تثبیت ارکان اقتصادیاتها، کما ان طلب العراق من روسیا مساعدته فی مکافحة الارهاب على اراضیه یصب فی السیاق نفسه، وربما نشهد مثل هذه النشاطات على صعید الشرق الاوسط المشحون بالاضطرابات. بانوراما الشرق الاوسط
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 829 |
||