بوتین و الأسد .. وداعا ً ” داعش ” و أخواتها | ||
بوتین و الأسد .. وداعا ً ” داعش ” و أخواتها میشیل کلاغاصی بات من المعروف أن حرب الولایات الأمریکیة و حلفائها الأوروبیین و الأتراک و العدو الإسرائیلی و بعض الدول العربیة و الخلیجیة على سوریة قد وُضعت تحت عناوین مختلفة کحرب الغاز و النفط ، مشروع الشرق الأوسط الکبیر ، إعادة تکوین و رسم الخرائط الجدیدة ، الحروب الدینیة ، التقسیم ، الربیع العربی ، و مشروع السیطرة على العالم ، و تغییر الأنظمة بالقوة العسکریة … الخ ، و التی یمکن وضعها تحت عنوان ٍ وحید هو ” الحرب اللا أخلاقیة الکونیة على سوریة ” . فمن خلال نظرة ٍ عامة لمکونات التحالف الأمریکی الشیطانی، و بالرجوع إلى تاریخ دوله نجد ما یبرر إطلاق هذا التوصیف و هذه التسمیة.. إذ یکاد یخلو و بالمطلق و لو من صفحة بیضاء واحدة على الأقل ، فقد قامت جمیعها على السلب و النهب و الإجرام و القتل و التهجیر و الإحتلال و إسالة الدماء ، و اعتمادها الترهیب و الإرهاب المباشر و غیر المباشر و بعیدا ً عن کل القیم و المثل الأخلاقیة و الإنسانیة و الدینیة الحقة ، على الرغم من تشدقها و إتباعها سیاسة ً إعلامیة تضلیلیة خدعت شعوبها و العالم تحت العناوین البراقة کالدیمقراطیة و الحریة و العدالة و التعالیم الدینیة .. فی حین تمثل سوریة وکل حلفائها و من وقف معها الوجه الاّخر و الحقیقی لحریة الإنسان ، و احترام إرادة الشعوب المتمسکة بقرارها الوطنی ، و حقها فی تقریر مصیرها ، و احترام سیادة الدول و دعمها لإنتزاع حقوقها الوطنیة.. و إذ رسمت نهجها من خلال مبادئها و سیاستها فی تحقیق السلام، و جعلت القبة الأممیة والقانون الدولی، و قرارات الأمم المتحدة سقفا ً لها فی علاقاتها مع کافة دول العالم.. فالعالم یدرک تماما ً أن سوریة وحلفائها لم تقم یوما ً بأی عمل ٍ عدائی ٍ أو استعماری تجاه غیرها من الدول و الشعوب.. و لها من السمعة و الإحترام و التقدیر لدى کل الشعوب ، ولدى التاریخ نفسه . خمس سنوات ٍ تقریبا ً من الحرب على سوریة وهی تدافع عن شعبها ووجودها و تاریخها و بقائها ، و تقاتل دفاعا ً عن الإنسانیة جمعاء فی وجه کافة قوى الشرّ و الحقد و الإرهاب الدولی المنظم ، و استطاعت أن تصمد و تتجاوز المراحل الصعبة ، و أن تحد من تمدد الإرهاب على أرضها ، وبدأت تتلمس طریق النصر .. فی الوقت الذی تدفع الولایات المتحدة و حلفائها الأشرار بالمزید من المال و السلاح و الإرهابیین الذین استجلبتهم من کافة أصقاع العالم فی أبشع صور الإستثمار الدنیء. لقد بدا المشهد بلا نهایة، و أصبح واضحا ً أن الهدف هو استمرار استنزاف الدولة السوریة، و أن الإرهاب لن یتوقف ، و أن هناک من یسعى لإطالة زمن الحرب ، دون مراعاة التهدید الذی بدا یشکله الإرهاب لکافة دول العالم ، و الذی لم یتوان عن توجیه بعض الضربات الإرهابیة فی دول ٍ کثیرة ، و أن خطره یزداد و تتسع دائرة تمدده لتتجاوز الحدود السوریة ، لیطال کل مکان . لم یعد بإمکان الولایات المتحدة الأمریکیة و حلفائها إخفاء حقیقة دعمها و استثمارها للإرهاب ، خصوصا ً بعد إنقضاء أربعة عشر شهرا ً من قیادتها تحالفا ً دولیا ً کاذبا ً و مخادعا ً ، غیر اّبهة بأمن دول المنطقة و بحیاة شعوبها ، و إشاعة الفوضى و الإرهاب فی العالم . کان لا بد لسوریة و لحلفائها و خاصة الدولة الروسیة العائدة و بقوة إلى الواجهة العالمیة ، أن تترجم استخدامها لحق الفیتو لأربع مرات فی مجلس الأمن دفاعا ً عن سوریة و عن نفسها و کافة الشعوب ، أن تقوم بالرد المناسب ، ووضع الحد للإرهاب و مشغلیه و التأکید على عدم حصول الولایات الأمریکیة على وکالة حصریة لتنفیذ قرارات مجلس الأمن 2170و 2178و 2199 الصادرة تحت الفصل السابع ، و للتأکید على أنها قد اختطفت هذه القرارات تحت اسم الشرعیة الدولیة ، و شکلت لنفسها تحالفا ً من خارجه ، و استعملته منصة ً لتحقیق مصالحها ، و بشرت العالم بطول أمد الحرب لسنوات و سنوات و قد تمتد لثلاثین عاما ً. لقد لاقى طلب الدولة السوریة القبول و الترحاب من دولة روسیا الإتحادیة ، و سارعت للتدخل العسکری و المباشر و الإنضمام إلى الجیش العربی السوری فی مکافحة الإرهاب على الأرض السوریة ، الأمر الذی قوبل بترحیب تیار ٍ شعبی کبیر فی الشارع السوری ، خاصة ً بما تملکه من إمکانیات و قدرات عسکریة متمیزة و أسلحة متطورة ، والعدید من الأسلحة و الذخائر و الصواریخ غیر المتوفرة لدى الجیش العربی السوری ، بالإضافة لإمتلاکها منظومة فضائیة جویة و استطلاعیة و طیران مسیر عبر الأقمار الاصطناعیة ، و منظومة حرب إلکترونیة ، و عدة أجیال من طائرات السوخوی و غیرها المختلفة الإختصاصات و القدرات فی التعامل مع کافة أنواع الأهداف . هذا القرار لم یأت من فراغ فالدولة الروسیة هی وریثة الإتحاد السوفیتی ، و قد استطاعت بناء إقتصاد قوی و أقامت تحالفات عالمیة و على رأسها التحالف مع دول البریکس ، و استطاعت أن تنهض بصناعاتها العسکریة الحدیثة و المتطورة ، و دون أی شک قامت بدراسة خطواتها بکل عنایة قبل أن تُقدم على السیر فیها ، واضعة ً نصب أعینها أنها تخوض اختبارها الأول خارج حدودها بعد الحرب العالمیة الثانیة ، ومن خلال سیاسة ٍ ندیة واضحة لسیاسة الهیمنة و لنظام الأحادیة القطبیة ، فی عالم ٍ تغیرت خرائطه و موازین القوى السیاسیة و العسکریة فیه عبر بوابة صمود الدولة السوریة . إن التحرک الروسی و الدخول العسکری الکبیر و القوی فی محاربة الإرهاب على الأرض السوریة أغضب الإدارة الأمریکیة و حلف الناتو و الغرب عموما ً ، و جعلها تراقب انحسار دورها العالمی و إنهیار منظومة قطبیتها الاحادیة ، مع یقینها بعدم قدرتها على فعل الشیء الکثیر فی ظل الذکاء و الجرأة الکبیرة و شرعیة التحرک الروسی ، وتکامل دوره العسکری الجوی مع تحرکات الجیش العربی السوری على الأرض .. لقد وجدت نفسها أمام حالة ٍ من الذهول و الضیاع ، خاصة ً بعد الکلام الروسی عن مدة ٍ أولیة للقضاء على تنظیم ” داعش ” تنحصر ب 3-4 أشهر .. فلجأت إلى التشویش و التضلیل الإعلامی للنیل من فعالیة و جدیة الدولة الروسیة فی مکافحة الإرهاب. لقد أحرجها الموقف الروسی الذی أعلن عن نیته ضرب و استئصال کافة أشکال الإرهاب بما فیها ” داعش ” و ” النصرة ” و غیرها من التنظیمات و الفصائل الإرهابیة ، و کشف زیف إدعاءاتها فی دعم ما تسمیه ” المعارضة المسلحة المعتدلة ” .. خاصة عندما تحدث الوزیر لافروف عن استعداد بلاده ” لإقامة اتصالات مع الجیش الحر إن وُجد على الأرض بالفعل ” ، ” إذ لم یقل لنا أحد ٌ حتى الاّن أین یعمل ؟ و أین و کیف تعمل وحدات ” المعارضة المعتدلة ” .. فالوزیر لافروف یعرف تماما ً أن ” الجیش الحر ” تحول إلى فصائل إرهابیة کجیش الفتح و جیش الإسلام و غیرها ، و أنه من السذاجة بمکان إعتباره معارضة ً معتدلة ، فالعالم یعرف أنه المسؤول عن مجزرة نوى ، و مجزرة جسر العاصی ، و مجزرة جسر الشغور، و غیرها من أعمال الإغتصاب و الحرق و التدمیر و مهاجمة المطارات العسکریة و ذبح المدنیین و اّلاف الجرائم الإرهابیة بحق الدولة و الشعب و الجیش العربی السوری ، وقد خاض المعارک إلى جانب من بایعهم فی جسر الشغور و أریحا و المسطومة و فی”عاصفة الجنوب ” و الهجوم على مطار الثعلة …الخ ، و کان کلام الرئیس بوتین واضحا ً فی الجمعیة العمومیة للأمم المتحدة عندما قال : ” ما تسمونه معارضة معتدلة تعاونوا مع داعش و سلموا أنفسهم و أسلحتهم و إنضموا إلیهم بشکل أو باّخر ” . کما أن الضربات المرکزة فی سهل الغاب تؤکد أن الهدف الموازی هو تحریر طریق حماة – حمص لما له من أهمیة للإنطلاق الشمال الغربی بإتجاه إدلب و جسر الشغور و حلب لاحقا ً .. و الإمساک بوسط الجغرافیا السوریة لإتاحة التحرک وراء تحریر و تطهیر کافة الأراضی السوریة. و فی الوقت الذی یشهد صحوة ً کبیرة فی صفوف السوریین المنخرطین منذ خمسة أعوام فی حمل السلاح بوجه دولتهم، و إذ تنشط المصالحات و قیام أکثر من 3000 مسلح بتسلیم أسلحتهم وأنفسهم، فی درعا و کناکر والطیبة و بیت تیما وبیت حور.. بالإضافة لعملیات الإقتتال بین الفصائل المسلحة و فرار العدید منهم فی الرقة ، وفی أغلب المناطق الجنوبیة ، الأمر الذی یؤکد فشل العدو الإسرائیلی بعد خمس سنوات من دعم هذه الفصائل و الإحتماء بها کشریط عازل و أن یقف حائلا ً بینها و بین بواسل الجیش العربی السوری . تبدو الولایات المتحدة الأمریکیة مربکة ً و عاجزة ً عن إیجاد الحلول السریعة لوقف إنهیار أدواتها الإرهابیة و تراقب فرار أکثر من ثلاثة اّلاف إرهابی بإتجاه الحدود الترکیة و الأردنیة ، فقد کان الدخول العسکری الروسی الجوی مرعبا ً و حاسما ً لدقة ضرباته و فعالیة قدراته و بنک أهدافه ، و بدا لها واضحا ً مدى التعاون و التنسیق مع القیادة العسکریة السوریة ، فالضربات الجویة أصبحت مشترکة ، فیما یجری الحدیث عن خطوات لاحقة لا تستبعد استقدام قوات ٍ بریة ٍ روسیة ، فی الوقت الذی تتحرک البوارج الصینیة الخارقة و تصل إلى الشواطئ السوریة ، وسط ما یُشاع عن التحرک البری الکبیر للقوات السوریة والإیرانیة و بعض الفصائل العراقیة دون أن ننسى أبطال و المقاومة اللبنانیة الذین امتزجت دماء شهدائهم و جرحاهم بدماء شهداء و جرحى إخوانهم فی الجیش العربی السوری ، فالتحالف الرباعی ( السوری ، الروسی ، الإیرانی ، و المقاومة اللبنانیة ) دعاه رئیس الحکومة السوریة الدکتور وائل الحلقی ب ” المعادلة الرابحة ” . و فی ذات الوقت الذی تتلقى فیه الدولة السوریة دعما ًسیاسیا ً من کافة حلفائها فی البرازیل و الأرجنتین ، و بعض الدول الأوروبیة کإسبانیا و تشیکیا و کثیرون حول العالم ، یلاحظ ارتفاع منسوب الوعی فی الشارع العربی و خاصة المصری و الأردنی بعیدا ً عن مواقف حکوماتها ، إذ یُثبت الشارع العربی التفافه حول سوریة بدءا ً من الجزائر و لیس إنتهاءا ً بالسودان .. نرى بعض الدول الأوروبیة کفرنسا و بریطانیا – و ترکیا، تعود عن مواقفها التی أعلنتها منذ إسبوع و إدعت قناعتها قبولها ببقاء الرئیس الأسد ، فی موقف لافت ٍ یعکس کلام الرئیس الأسد الذی قال : ” لیس لأی مسؤول أجنبی أن یحدد مستقبل سوریة ” ، و تأکیده ” أننا لا نثق بالمسؤولین الغربیین لأنهم یعیشون حالة ضیاع ” . و من الملاحظ أن ترکیا و نظام اّل سعود بدوا من أکثر المعارضین للتدخل الروسی ، الأمر الذی یعکس عمق تاّمرهم على سوریة ویقینهم أن النصر السوری کفیل ٌ بإزالتهم عن المسرح السیاسی . لا تملک الولایات المتحدة الأمریکیة أیة فرصة فی وقف هذا المدّ الکبیر و الإصرار على مکافحة الإرهاب فی سوریة و العراق الذی یتحضّر لتوجیه طلبه الرسمی للدولة الروسیة أسوة ً بالطلب السوری ، الأمر الذی یبرر استقدام روسیا أنواعا ً متطورة من الصواریخ و الطائرات و القاذفات بعیدة المدى ، وسط خشیة البعض من الصدام الدولی فی السماء السوریة ، و الذی نعتبره خیارا ً غیر مطروح من الدولة الأمریکیة فقد سبق السیف العذل .. و ما علیها سوى الإنصیاع لرغبة و قوة و إرادة محور المقاومة فی إنهاء الحرب أولا ً و من ثم الإنخراط الفعلی و الحقیقی بالعملیة السلمیة و الجلوس على طاول المفاوضات . یبدو أن الرئیسان بوتین و الأسد لن یتوقفا قبل أن یقولا للإرهاب .. وداعا ً ” داعش ” . المهندس : میشیل کلاغاصی
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 880 |
||