هل یرید التحالف الدولی القضاء على داعش .. فعلا؟ | ||
هل یرید التحالف الدولی القضاء على داعش .. فعلا؟ مقدمة: أدانت السلطنة کافة الحوادث الإرهابیة التی تنفذ على أیدی تنظیم داعش الإرهابی، ودعت إلى تضافر الجهود فی مواجهة هذه العملیات الإرهابیة، وجاء على لسان معالی یوسف بن علوی، الوزیر المسؤول عن الشؤون الخارجیة، أن السلطنة تدین کافة الأعمال الإرهابیة واللا إنسانیة التی ترتکبها الدولة اللا إسلامیة. إن صناعة أی منظمة أو حرکة یحتاج إلى الکثیر من الوقت والجهد وتوفیر البیئة الحاضنة لها ودعمها بالأموال بهدف استقطاب الشباب وتوفیر المنظرین والدعاة لها قبل کل ذلک، حتى تصبح حرکة لها مریدوها وتفصح عنها أدبیاتها وحضورها فی المحافل المحلیة أو الإقلیمیة، أو تعلن عن أعمالها التی تتبناها فی الأعلام بکافة مستویاته وتنوعاته. لکن للعجب، سرعان ما ظهرت داعش بهذه الکیفیة ولابد من التساؤل کیف اجتمع هؤلاء من مختلف أصقاع الأرض؟ وکیف ذللت لهم العقبات بالوصول إلى سوریا؟ وفی أی معسکرات تدربوا وأین؟ ومن قام بتوفیر المعدات القتالیة واللوجستیة لهم؟ وکیف تم إدخالها لهم وکأن الحدود ألغیت والمخابرات الدولیة والجیوش وحرس الحدود حلت؟ هل باستطاعة عاقل أن یصدق أن تنظیما نشأ بهذه السرعة وهذه القوة دون أن تکون خلفه دول تدعمه وتسلحه وتبرمج له؟ وهل یستحق داعش فعلا هذا الحشد الدولی کله وتلک المؤتمرات للقضاء علیه أم أن وراء الأکمة ما وراءها؟ داعش لیست أسطورة أو ولیدة صدفة أو نبتة شیطانیة زرعها المجهول ثم انصرف لحاله، ولکنها نبتة إنسانیة زرعها بشر نعرفهم ویعرفوننا، لهم أسماء واضحة ومسمیات لا یمکن الخلاف حولها، نعرفهم بطریقتهم المعهودة فی الحدیث وبسلوکهم فی عالم السیاسة، فهم أصحاب فقه سیاسی لا یمکن الخلاف حوله. هی الآن بکل جدارة جیش سایکس بیکو السری بلا استحیاء تتمخض ناراً وحدیداً والنفط سید المشهد الأشهر. ولعل الهدف الأهم والأبرز لأمیرکا وبعض الدول الأوروبیة هو تقسیم وتقزیم المنطقة العربیة وإدخالها فی صراعات وفوضى لصالح الجارة الدخیلة إسرائیل، وقد استخدمت الجماعات والتنظیمات الدینیة کأدوات فی ذلک، فی مناسبات منها ما یسمى ربیع الثورات العربی. ربما یکون رد الفعل الدولی الهزیل على سیطرة داعش على مناطق فی العراق وسوریا فی البدایة دلیل على أن هناک دولا تلعب على فکرة الإستفادة من وجود التنظیمات الدینیة، فرد فعل أمیرکا على نشاط “داعش”" وسیطرتها کان دون المستوى، فضلا عن کونه کان متأخراً، وأمیرکا هی المستفید الأول والأخیر من دعم هذا التنظیم. أقصد هنا أمیرکا ومن لف معها فی دائرة المصالح الواحدة، فأمیرکا لها وکلاء فی المنطقة یعملون لحسابها. إن معظم قادة داعش هم ممن کانوا فی المعتقلات الأمیرکیة فی العراق وأفغانستان وقد أطلق سراحهم دون أعلام الحکومة العراقیة أو الأفغانیة بذلک، أو فی المعتقلات السریة التی کانت تحت إدارة المخابرات الأمیرکیة فی أوروبا أو دول العالم الثالث وتلقوا تدریبات فی المناطق القبلیة فی باکستان والوعرة فی أفغانستان. ووفقا لموقع “ذی إنترسیبت” الأمیرکی الذی یدیر جبهة عریضة للتحریات الصحفیة، وفی تسریبات نقلها عن الموظف السابق فی وکالة الأمن القومی الأمیرکیة إدوارد سنودن قال فیها إن الوکالة وبالتعاون مع نظیرتیها البریطانیة أم 16 والموساد الإسرائیلی، مهدت لظهور تنظیم الدولة الإسلامیة فی العراق والشام داعش، وتعاونت أجهزة مخابرات الثلاث دول لخلق تنظیم إرهابی قادر على استقطاب المتطرفین من جمیع أنحاء العالم فی مکان واحد فی عملیة یرمز لها بـ “عش الدبابیر”. وأظهرت وثائق مسربة من وکالة الأمن القومی أنها قامت بتنفیذ خطة بریطانیة قدیمة تعرف بـ “عش الدبابیر” لحمایة إسرائیل تقضی بإنشاء تنظیم شعاراته إسلامیة یتکون من مجموعة من الأحکام المتطرفة التی ترفض أی فکر مغایر. وثائق سنودن أشارت إلى أن الحل الوحید لحمایة إسرائیل یکمن فی خلق عدو قریب من حدودها، لکن سلاحه موجه نحو الدول الإسلامیة الرافضة لوجوده. وأکدت التسریبات أن أبا بکر البغدادی خضع لدورة مکثفة استمرت لمدة عام کامل وتم تدریبه عسکریا خلالها على أیدی عناصر فی الموساد بالإضافة إلى تلقیه دورات فی فن الخطابة ودروسا فی علم اللاهوت. موقع ذا انترسبت یضم مجموعة مشهورة من صحفیی التحقیقات والتحریات الأمریکیین الذین یتابعون قضایا الأمن القومی، مثل الکاتب الصحفى الأمیرکى جلین جرینوالد الذی تعاون معه إدوارد سنودین فی نشر قضیة التنصت الإلکترونی الأمیرکیة على صفحات جریدة الغاردیان البریطانیة، وهناک أیضا لورا بورتیس، مخرجة الأفلام الوثائقیة التی أخرجت فیلم وثائقی حول إدوارد سنودن، الموظف السابق فی وکالة الأمن القومی الأمیرکی، واختارتها جمعیة المخرجین الأمیرکیین على اثره کأفضل مخرج للأفلام الوثائقیة لعام 2014، والمحقق الصحفی جیرمی سکیهال، الذی یعد من أبرز الصحافیین الأمیرکیین المستقلین وأحد الکتاب السیاسیین بامتیاز والذی کتب عن الحروب الأمیرکیة الأخیرة، ومؤلف کتاب “بلاکووتر” الذی یفتش فی دفاتر أخطر منظمة سریة فی العالم. وتجدر الإشارة إلى أن موقع “ذی إنترسیبت” انفرد بنشر وثائق سریة تظهر تعاون أمیرکا وإسرائیل الوثیق فی حروب المنطقة. من جانبه، قال المحلل الإیطالی وخبیر الجغرافیا السیاسیة، مانلیو دینوتشی، إن حلف شمال الأطلسی الناتو دبّر فی العام الماضی إنقلاب أوکرانیا وحملة داعش فی العراق وسوریا خلسة لإحیاء سیناریو الحرب الباردة ولتصبح الولایات المتحدة القوة التی لا غنى عنها. وأضاف دینوتشی، فی مقال له نشر فی موقع شبکة فولتیر الفرنسیة “ReseauVoltaire” الذی یُروج لحریة التعبیر والعلمانیة، أن عام ٢٠١٤ کاد أن یکون بالنسبة للولایات المتحدة والناتو عاما أسودا خصوصا إذا تحقق اثنین من السیناریوهات، أحدهما أن تکون أوروبا بلا حروب، أما السیناریو الآخر فهو أن یظل الشرق الأوسط الکبیر، یعیش فشل حرب الولایات المتحدة والناتو فی سوریا، ویواصل العراق التباعد عن واشنطن والتقارب مع الصین وروسیا. وتابع قائلا أن واشنطن باتت تشعر بالحاجة الملحة لایجاد مهمة جدیدة للناتو، وجاءت المهمة فی الوقت المناسب بإنقلاب میدان الاستقلال فی کییف بأوکرانیا الذی تم الإعداد له بوسائل عدة من بینها تدریب قوى أوکرانیة تؤمن بالنازیة الجدیدة، وبالتالی خلق مجابهة جدیدة مع روسیا. وأوضح أن تنظیم داعش الذی تم الإعداد له منذ فترة طویلة من خلال تمویل وتسلیح جماعات إسلامیة متطرفة کان بعضها یتم تصنیفه على أنه تنظیمات إرهابیة منذ حرب الناتو ضد لیبیا للإطاحة بالقذافی، سمح لقوات الولایات المتحدة الناتو، بالتدخل فی سوریا لتدمیرها ولیس تدمیر داعش، وإعادة احتلال العراق. وأشار المحلل إلى أن الناتو أقر المهمة الجدیدة من خلال قمته فی ویلز ببریطانیا فی سبتمبر من العام المنصرم لتبدأ خطة إعادة تنشیط الناتو الهادفة إلى الرد بسرعة وحسم على التحدیات الجدیدة ضد الأمن، الناجمة عن کل من العدوان العسکرى لروسیا ضد أوکرانیا وتزاید التطرف والصراع الطائفی فی الشرق الأوسط وشمالی إفریقیا. من المستغرب حقا أن الحاخام الإسرائیلى نیر بن إرتسی وفی إحدى عظاته الأسبوعیة قال، إن الرب سلط تنظیم داعش على الدول والأمم التى ترید السیطرة على أرض إسرائیل والقضاء على الیهود فى أنحاء العالم على حد زعمه، ومضیفا أن إنتشار داعش فى المنطقة العربیة وإنضمام أوروبیون إلى التنظیم، بل توجیه ضربات فى أوروبا، یهدف فى الأساس إلى تهجیر الیهود إلى إسرائیل، لذا یعتبر تنظیم داعش حامیا للیهود. ریتشارد أبو العافیة، نائب رئیس مجموعة تیل جروب الأمیرکیة للإستشارات قال أن تشکل حملة الضربات الجویة فی العراق وسوریا التی تشنها الولایات المتحدة على رأس ائتلاف دولی، فرصة ذهبیة لصانعی الأسلحة الأمیرکیین، مضیفا إلى إنها الحرب المثالیة للشرکات التی تتعامل مع الجیش وکذلک للمطالبین بزیادة الأموال المخصصة للدفاع، فحملة الضربات الجویة على تنظیم داعش تعنی فی الحقیقة نفقات بملایین الدولارات لشراء قنابل وصواریخ وقطع غیار للطائرات، وتؤمن حججاً إضافیة من أجل تمویل تطویر طائرات فائقة التقدم من مقاتلات وطائرات مراقبة وطائرات تموین. وقال لورین تومسون من معهد لیکسینغتون الذی یقیم علاقات کثیرة مع الصناعات الدفاعیة إن الشرکات المتعاقدة الکبرى أحوالها کلها أفضل بکثیر مما کان الخبراء یتوقعونه قبل ثلاث سنوات. وأضاف، مع إندلاع الحرب وإحتدامها فإن تلک الشرکات تجنی أرباحا، لیس فقط بفضل العقود التی توقعها مع الحکومة الأمیرکیة، بل کذلک بفضل عقود مع بلدان أوروبیة أو عربیة مشارکة فی الائتلاف ضد تنظیم داعش تسعى لإعادة تشکیل مخزونها من الذخائر والاستثمار فی قواتها الجویة، بحسب ما یرى المحللون. وفی إشارة لمدى الأرباح التی من المتوقع أن تجنیها شرکات تصنیع الأسلحة، بدأت أسهم الشرکاء الرئیسیین للبنتاجون فی الارتفاع فی البورصة منذ أن أرسل الرئیس باراک أوباما مستشارین عسکریین إلى العراق، وواصلت ارتفاعها لاحقاً مع بدء الضربات الجویة فی مطلع أغسطس 2014. من خلال معطیات الوقائع والسیاسة التی اتبعها هذا التنظیم وأیضا الأهداف التی تبناها یتبین بشکل جلی بأنه یمثل أجندات غربیة حیث یخوض معارکه فی منطقة الشرق الأوسط استکمالا لمشروع الشرق الأوسط الکبیر الذی تبنته الولایات المتحدة من خلال أنشاء تحالفات دولیة غربیة بقیادتها لنشر الدیمقراطیة وإسقاط حکم الأنظمة الشمولیة والتی وصفتها بدول محور الشر، وتحققت الصفحة الأولى من إسقاط تلک الأنظمة فی العراق ولیبیا ومصر والیمن ولکنها لم تنجح فی سوریا. ومن أهداف مشروع الشرق الأوسط هو العمل على تشظی دول المنطقة من خلال تغذیة الصراعات الدینیة والأثنیة والعرقیة والمذهبیة والفکریة وتفتیتها إلى دویلات صغیرة قائمة على تلک الأسس تتنازع فیما بینها منشغلة بالصراعات المتراکمة من حقب مختلفة، وأیضا الحفاظ على أمن الکیان الصهیونی والقبول بها دولة یهودیة تعیش جنبا إلى جنب الدول التی یعاد رسمها على أسس دینیة ومذهبیة فی منطقة الشرق الأوسط، وبذلک تهیئ الأرضیة للقبول بها. نعم الهدف الأهم والأبرز لأمیرکا وبعد الدول الأوروبیة هو تقسیم وتقزیم المنطقة العربیة وإدخالها فی صراعات وفوضى لصالح الجارة إسرائیل، وقد استخدمت الجماعات والتنظیمات الدینیة کأدوات فی ذلک خلال عدة مناسبات، منها ما یسمى ربیع الثورات العربی على سبیل المثال لا الحصر. ولا یخفى علینا أن العالم الغربی یمر بأزمة اقتصادیة وضائقة مالیة کبیرة دفعت أمیرکا وأوروبا إلى تسریح عدد کبیر من العمال من وظائفهم وازدیاد نسبة البطالة فی دولهم وعدم استطاعة تلک الدول بتوفیر فرص عمل جدیدة لاستیعاب الباحثین عن العمل من رعایاهم أو اللاجئین إلیهم من دول العالم الثالث، وقیام بعض دول أوروبا بإعتماد سیاسة التقشف فی النفقات مثل الیونان وایطالیا واسبانیا وقبرص إلا أنها جوبهت بتظاهرات واحتجاجات عنیفة من السلطات فی هذه الدول. ولکی تتخلص هذه الدول الغربیة بقیادة أمیرکا من هذه الأزمة الاقتصادیة، علیها القیام بعملیات عسکریة ذات توجهات متعددة منها نشر الدیمقراطیة وإشاعة حقوق الإنسان ومحاربة الأفکار والمنظمات المتطرفة الإرهابیة من خلال تعبئة الجیوش وعسکرة المنطقة وتمویل هذه الحروب بأموال خلیجیة لغرض تنشیط وإدامة الإقتصاد الغربی وتحریک عجلته العسکریة والمدنیة، مما یخلق فرص عمل کثیرة ویوفر سیولة نقدیة. وقد صرح الرئیس الأمیرکی أن الحرب على داعش قد تستمر ثلاثة أعوام على الأقل وتحتاج الى خمسمائة ملیار دولار، وسوف یقوم بتمویلها دول الخلیج. لا نکون مبالغین عندما نقول إن سبب نشأة داعش کان مرتبطاً بالوجود الأمیرکی فی الأساس، وبعض العرب احتضن المنظمة عندما کان مجرد تنظیم جنینی صغیر وأمیرکا قدمت مبررات وجوده، والجمیع عبث فی أساس تکوینه. من الواضح أن أموال داعش تأتی من بعض الدول الخلیجیة وسبب تمویل دول خلیجیة لتعارض مصالح سیاستهم مع نظام بشار الأسد فی سوریا، إلا أن التمویل الأساسی یأتی من أمیرکا بهدف زعزعة النظام فی الدول العربیة وإثارة الفتن بین الشعوب. وأتسائل هنا، إذا کان بشار الأسد طاغیا، مَن البدیل ولمصلحة من؟ إن الوطن العربى غیر واع، فبعض الدول الخلیجیة تعمل للمصلحة الوقتیة ولیس من أجل الأمة العربیة. إن المساعدات الغربیة وتربیة الطفل المدلل داعش لم تمنع التمدد الإرهابی إلی الدول الأوروبیة، و إن صح التعبیر إلی الدول المؤسسة لهذا التنظیم. فبعد الاعلانات الغربیة المتکررة عن دعم المجموعات المسلحة فی سوریا، وقعت فرنسا و أوروبا بشکل عام فی الفخ الذی لم تکن تتوقعه یوما، فقد اعتقدت أن تصدیر المتشددین من أراضیها إلى الشرق الأوسط و أفریقیا ومساعدتهم فنیا وعسکریا ومادیا علی کافة الأصعدة، من شأنه ان یبعد خطرهم عن أوروبا. والواضح أن هذه النظریة أعطت مفعولها لفترة من الزمن ولکنها بدات ترتد سلبا مع عودة هؤلاء المقاتلین إلى أوروبا مشبعین بما شاهدوا وسمعوا و تشربوا من ممارسات وأفکار متطرفة لن یجدوها فی البیئة الأوروبیة التی خرجوا منها، ومن الطبیعی أن یعمدوا إلی نشر أسلوب عیشهم الجدید فی المجتمعات الأوروبیة لاعادتها وفق نظریاتهم إلی الطریق المستقیم، وبالفعل طابخ السم لابد أن یتذوقه یوما. تعید داعش الیوم، ما بدأته القاعدة بالأمس، لعبت على الجمیع، ولعب الجمیع بها وعلیها ولقد ضربت داعش، کما فعلت القاعدة، مثلاً قاطعاً فی وضوحه، فی الانقضاض على حلفاء الأمس وقطع الید التی مُدّت لها بالدعم المالی والتسهیلات اللوجستیة والاستخدام الاستخباری. داعش الآن لا تهدد إیران والسعودیة والعراق فقط إستراتیجیا بالتوسع على الأراضی، إنما أصبحت تهددها اقتصادیا ببیع النفط لزبائنهم فی سوق غیر معلنة، تلک الدول التی تمدها فی المقابل بالسلاح والمعدات والغذاء لیحاربوا فی سوریا والعراق والسعودیة وإیران ویتمددوا فی المنطقة. نجد أن الهجمات الأمیرکیة فی سوریا رکزت على تنظیم خراسان بدلاً من داعش، حیث لم یکونوا لیتحملوا امتداد نفوذ طالبان إلى سوریا، فعمدوا بسرعة الى التحرک لیبدأوا بهم قصفاً بالطیران على أمل استئصال شأفتهم، إذ إن طالبان الأفغانیة تعتبر عدوة أمیرکا الأولى فی تفشیل نفوذها فی أفغانستان. وفی النظر إلى السیاسة الأمیرکیة فی المواجهات العسکریة، یمکن ملاحظة أن حروبها ترتبط دائماً بوجود مصالح جوهریة ومباشرة وهذا ما حدث فی حربیها فی أفغانستان والعراق، وتتغیر السیاسة الخارجیة الأمیرکیة فی کل مرحلة حسب الحاجة والأهداف. یعد مؤتمر باریس الذی عقد فی سبتمبر من العام المنصرم 2014 بالفعل مهزلة بکل ما فی الکلمة من معنى، حیث تحدث ممثلو الدول الغربیة عن ضرورة دعم العراق ضد داعش ولکنهم تجاهلوا هذا الخطر الذی یضرب فی سوریا أیضاً. الغریب أن الذین یدعون مکافحة عصابات داعش الإرهابیة یعلنون على الملأ دعمهم المالی والتسلیحی لعصابات إرهابیة أخرى تعمل على الأرض السوریة لمحاربة الشعب السوری، فکیف لتنظیم إرهابی أن یکون ضد الإرهاب وضد من یکافح الإرهاب معاً؟ عاجلاً أو آجلاً ستضطر واشنطن إلى مواجهة الواقع، فإما التنسیق مع الدولة السوریة، وفی ذلک ضربة معنویة للجیش الحر، وإما بضرب مواقع للنظام، الأمر الذی یفتح حربا أخرى قد تنعکس سلبا على محاربة داعش. من الواضح أن الأمیرکیین یسعون إلى تعویض خسائرهم الإستراتیجیة فی المنطقة، أو فی الحد الأدنى، سلب محور المقاومة مکاسبه الإستراتیجیة. على الأرجح فإن أضلاع هذا المحور سیکونون سعداء لتصفیة داعش إلا أن الشکوک عمیقة فی النوایا الأمیرکیة والتساؤلات کثیرة. أمیرکا ترید العودة إلى العراق لتغطی انسحابها أولاً من أفغانستان ولتکون آبار النفط والغاز ومنابع المیاه أیضاً تحت سیطرتها. ویرجح وجود الانسجام بین داعش و إسرائیل کون داعش تقف أحیانا فی الجولان وعلى مواقع قریبة من المواقع الإسرائیلیة، ومع ذلک فهی تطلق النار على السوریین، ولیس على الإسرائیلیین المتواجدین أحیانا على بعد مرمى حجر منها. کما أن بعض الجرحى من داعش، غالبا ما ینقلون إلى داخل إسرائیل، ولیس لترکیا مثلا، لتلقی العلاج فیها. وقد یرى البعض أن إسرائیل – العدو الأکبر لسوریا – وجدت أنه من الضروری أن یتواجد لها على الأراضی السوریة مقاتلون یأتمرون بأمرها، لتکون صاحبة کلمة فصل فی أی حل یطرح للمعضلة السوریة. الأعمال الارهابیة التی بدأت تنتشر فی الجسد العالمی لا یمکن ایقافها بشعارات محاربة الارهاب أو تشکیل حلف یضرب داعش بید ممدودة بالسلاح للمجموعات نفسها، ویبقی الحل الأوحد فی هذه الأیام التی لا تبشر بالخیر، خطوتین لا بد للمجتمع الدولی الاستفادة منهما فی أسرع وقت ممکن قبل فوات الأوان. الخطوة الاولی طبیة المنشا، فالقاعدة الطبیة تقول ان العضو المصاب بالسرطان لا بد له من المعالجة قبل ان یستشری السرطان فی الجسم کافة، فالسرطان الارهابی الذی یتفشی الیوم فی بعض البدن العربی، لا بد أن یدفن فیه لمنعه من التمدد الی الأعضاء الأخری. أما الخطوة الثانیة، توقیف الدعم الممنهج بالسلاح و الذخیرة و العناصر من قبل الدول الأوروبیة و العربیة، و إعتماد جدیة الحرکة ضد الارهاب من قبل الدول الغربیة الکبری التی تزعم انها تحارب الارهاب، و تغیر علیه بانواع الطائرات، لکنها بالمقابل ترمی له السلاح “عن طریق الخطأ” حسب زعمها. أسامة الحرمی کاتب عمانی
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,073 |
||