ظاهرة التکفیر وخطرها على تکامل الإنسان (2) | ||
ظاهرة التکفیر وخطرها على تکامل الإنسان (2) لبنان حسین الزین
علاج ظاهرة التکفیر: ینبغی لعلاج ظاهرة التکفیر والتقلیل من آثارها على الحیاة والإنسان والدین؛ تمهیداً لاقتلاعها من جذورها؛ اعتماد مجموعة من الوسائل والإجراءات، أبرزها: أ. القضاء على الجهل من خلال نشر العلم والمعرفة فی المجتمع الإسلامی. ب. معالجة المشاکل الاجتماعیة والأوضاع الاقتصادیة المتردّیة. ج. نشر العدالة الاجتماعیة فی المجتمع الإسلامی. د. القضاء على العصبیّات المختلفة داخل المجتمع الإسلامی: {یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُمْ مِنْ ذَکَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ}[1]. هـ. تمتین أواصر الوحدة والتآلف بین مختلف مکوّنات المجتمع الإسلامی: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْکُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ کُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَکُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَکُمْ مِنْهَا کَذَلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمْ آَیَاتِهِ لَعَلَّکُمْ تَهْتَدُونَ}[2]. و. الرجوع فی فهم الدین لمرجعیة دینیّة حکیمة وواعیة والاحتکام إلیها عند الاختلافات والمنازعات: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْکُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّیْطَانَ إِلَّا قَلِیلًا}[3]، وعن الرسول الأکرم(ص): >إنّی تارک فیکم الثقلین: کتاب الله وعترتی أهل بیتی، ما إن تمسکتم بهما؛ لن تضلّوا بعدی أبداً، وإنّهما لن یفترقا حتى یردا علیّ الحوض<[4]. ز. توعیة الأمّة الإسلامیة بالأخطار التی تتهدّد الدین والإسلام والمسلمین، وتبصرتهم بأعدائهم الحقیقیین: {إِنَّ الشَّیْطَانَ لَکُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا یَدْعُو حِزْبَهُ لِیَکُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِیرِ}[5]، {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِینَ آَمَنُوا الْیَهُودَ وَالَّذِینَ أَشْرَکُوا...}[6]. ح. تنقیة التراث الإسلامی من المرویّات الضعیفة والإسرائیلیّات التی یتّخذها أرباب الفکر التکفیری حجّة لهم فی دعم عقیدتهم التکفیریّة. ط. الاحتکام إلى القرآن الکریم والسنّة الشریفة والعقل القطعی فی بیان معارف الإسلام وقیمه وتعالیمه، وفهم الدین فهماً کاملاً غیر منقوص من خلال الرجوع إلى جمیع التراث الدینی وعدم الاقتصار فی الفهم على آیة دون أخرى، أو روایة دون أخرى... أسالیب علاج ظاهرة التکفیر: ینبغی اعتماد مجموعة من الأسالیب المدروسة فی معالجة هذه الظاهرة، أبرزها: أ. اعتماد الحجج والبراهین الواضحة والجلیّة فی توضیح ما التبس فهمه على أتباع الفکر التکفیری: {ادْعُ إِلَى سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِیلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِینَ}[7]. ب. استثارة الوجدان ومکنونات الفطرة؛ بالموعظة الحسنة والقول اللیّن: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَیِّنًا لَعَلَّهُ یَتَذَکَّرُ أَوْ یَخْشَى}[8]. ج. تجنّب الجدال العقیم والخطاب الذی یشعل العصبیّات البغیضة ویأجّجها. د. التدرّج فی النصح والإنکار مع أتباع الفکر التکفیری. هـ. کشف زیف تعالیم الفکر التکفیری وخطورته على الحیاة والإنسان والدین، وبیان مطامع أربابه واستغلالهم لمتّبعیهم؛ خدمة لمصالحهم الذاتیة.
مسؤولیة مؤسّسات المجتمع فی علاج ظاهرة التکفیر: یُلقى على عاتق مؤسّسات المجتمع مسؤولیّات خطیرة تُسهم فی معالجة هذه الظاهرة والوقایة منها، من خلال: أ. المؤسّسات التربویة والتعلیمیة: - وضع برامج تربویة وتعلیمیة لمکافحة هذه الظاهرة. - إعداد برامج تربویة وتعلیمیة توعویة بمخاطر هذه الظاهرة على الحیاة والإنسان والدین. - وضع مناهج تربویة وتعلیمیة مناسبة للوقایة من تفشّی هذه الظاهرة حاضراً ومستقبلاً. ب. المؤسّسات التبلیغیة والدعویة: - نشر العلم والمعرفة الدینیّة الصحیحة. - تبصرة المسلمین بمخاطر ظاهرة التکفیر على الحیاة والإنسان والدین. - إشاعة مفاهیم الوحدة والتآخی ونبذ العنف والإرهاب بین المسلمین. ج. المؤسّسات الاجتماعیّة: - تحسین الأوضاع الاجتماعیّة والمعیشیّة فی المجتمع. - المساهمة فی نشر العدالة الاجتماعیة ومحاربة الظلم والفساد. - معالجة المشاکل النفسیة والاجتماعیة لدى کثیر من أتباع الفکر التکفیری. د. المؤسّسات الإعلامیّة: - الترکیز على الآثار السلبیة المترتّبة على ظاهرة التکفیر؛ من عنف وإرهاب وقتل وتدمیر. - الترغیب بالأمن والسلام ودورهما فی نشر الدین واستقامة الحیاة الإنسانیة وتطوّرها. - فضح أرباب الفکر التکفیری؛ لجهة تشویههم للدین واستغلالهم لأتباعهم؛ خدمة لمصالحهم ومنافعهم الذاتیة. المؤسّسات الثقافیّة: - إقامة المؤتمرات والندوات التی تتناول مخاطر ظاهرة التکفیر على الحیاة والإنسان والدین. - إصدار دوریات وکتب متخصّصة بمعالجة ظاهرة التکفیر والوقایة منها حاضراً ومستقبلاً. - إقامة المنتدیات الثقافیة وشبکات التواصل الاجتماعی الالکترونیة التی تعنى بنشر تعالیم الدین الحنیف، ومکافحة ظاهرة التکفیر. هذه جملة من المسؤولیات المُلقاة على عاتق مؤسّسات المجتمع لمکافحة ظاهرة التکفیر والوقایة منها، مع وجود مسؤولیات أخرى لم نذکرها اختصاراً... وفی الختام، أمام هذا الواقع الخَطِر، لا بدّ لنا من تحمّل مسؤولیّاتنا فی معالجة هذه الظاهرة التی تهدّد الإنسان فی خطّ حیاته وتکامله... هذا الخطّ الذی دأب الشیطان اللعین على الوقوف قباله ومواجهته منذ عصیانه للأمر الإلهی إلى قیام یوم الدین: {قَالَ أَنْظِرْنِی إِلَى یَوْمِ یُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّکَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَیْتَنِی لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَکَ الْمُسْتَقِیمَ * ثُمَّ لَآَتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَیْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَکْثَرَهُمْ شَاکِرِینَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَکَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْکُمْ أَجْمَعِینَ}[9].
[1] الحجرات: 13. [2] آل عمران: 103. [3] النساء: 83. [4] تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الروایة متواترة تواتراً معنویاً بین المسلمین؛ وهی منقولة فی کتب السنّة والشیعة. انظر: الصفّار، بصائر الدرجات، م.س، ج8، باب 17 فی قول رسول الله(ص) >إنّی تارک فیکم الثقلین<، ح1-6، ص433-434؛ ابن حنبل، مسند أحمد، م.س، ج3، ص14؛ النیسابوری، المستدرک على الصحیحین، م.س، ج3، ص148؛ المتّقی الهندی، علی: کنز العمّل فی سنن الأقوال والأفعال، ضبط وتفسیر بکری حیانی، تصحیح وفهرسة صفوة السقا، لاط، بیروت، مؤسّسة الرسالة، 1409هـ.ق/ 1989م، ج1، ح943-955، ص185-187. [5] فاطر: 6. [6] المائدة: 82. [7] النحل: 125. [8] طه: 44. [9] ص: 14-18.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,159 |
||